للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها قولهم: "إنه إنما نزل وتجسد وحبل به لخلاص معشر الناس". فهم يريدون أن آدم لما عصى أوثق سائر ذريته في حبالة الشيطان / (٢/٣١/أ) وأوجب عليهم الخلود تحت طباق النيران، فكان خلاصهم بقتل المسيح وصلبه والتنكيل به، فإنهادعوى لا دلالة عليها، وقدأبطلناها فيما تقدم.

وهب أنا سلمنا لكم، فأخبرونا عن هذا الخلاص الذي يعني الإله الرّبّ الأزلي وفعل بنفسه ما فعل من الدنايا التي جرت عليه في زعمكم، ما هو؟ أو ممن خَلصكم؟! وبمَ خَلَّصكم؟! وكيف استقل بخلاصكم دون الأب والروح والربوبية بينه وبينهم أثلاثاً؟! وكيف صار مبتذلاً ممتهناً في خلاصكم دون الأب والروح؟!.

فهذه عدة أسئلة، فإن زعموا أن الخلاص قد حصل لهم من تكاليف١ الدنيا وهمومها وأمراضها وأعلالها وهرمها وموتها، أكذبهم الحسُّ، فإنا نراهم ولا مزية لهم على سائر البشر.

وإن زعموا أنهم قد خلصوا من هموم السعي في طلب الرزق والتكسب للعيال والتبذل في تحصيل ضرورات العيش أكذبهم الحسُّ أيضاً.

وإن زعموا أنهم/ (٢/٣١/ب) قد خصلوا من تكاليف الشرع، وأنهم قد حطّ عنهم المسيح بمجيئه الصوم والصلاة وسائر وظائف التكليف، وأنهم غير مؤاخذين بشيء منها، أكذبهم العافرون بما وُظِّف عليهم من الصوم والصلاة والقرابين وغير ذلك.

وإن زعموا أنهم خلصوا من أحكام الدار الآخرة، وأن من تعاطى في الدنيا جريرة فزنى منهم وسرق وقتل وقذف لا يؤاخذ يوم القيامة بشيء من ذلك


١ في م: تكليف

<<  <  ج: ص:  >  >>