للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وصعد إلى السماء، وجلس عن يمين أبيه"١. وذلك من الكذب الفاحش، والاعتقاد الفاسد، أما كونه من الكذب الفاحش فإنه ليس أحد من القائلين هذا الكلام صعد إلى السماء ورأى ذلك عياناً وعاد إلى الأرض فأخبر به.

وأما كونه من الاعتقاد الفاسد فإنه متى جلس شيء عن يمين شيء / (٢/٣٥/أ) أو عن جهة من جهاته دلَّ على حدث الشيئين، ثم لا خلاف عندهم أن جسد يسوع حادث؛ إذ قالوا: إن هذا الجسد الحادث قد جلس عن يمين الله - فقد اعتقدوا أن الباري تعالى [جسم] ٢ من الأجسام. وسارووا في ذلك حشوية من اليهود القائلين بأن الله تعالى في صورة شيخ أبيض الرأس واللحية، وأنه ينْزل إلى الأرض، ويتردد فيها.

وقد جمعوا في هذا الموضع بين أمرين متناقضين، وهو أنهم قالوا في أوّل الأمانة: "إن المسيح إله حقّ خالق كلّ شيء". فإذا قالوا ها هنا: إنه قتل وصلب ودفن بين الأموات فقد اعترفوا بأن المخلوق قتل خالقه، والمصنوع صلب صانعه.

- الوجه الحادي عشر: قول الأمانة: "إن يسوع هذا الرّبّ الذي صلب وقتل مستعد للمجيء تارة أخرى؛ لفصل القضاء بين الأحياء والموات". للمنكر عليهم أن يقول: إنه لما تجشَّم أوّل مرة فجرى عليه من الشيطان وحزبه ما وصفتم من الأذى والإهانة والقتل والصلب فرَّ إلى أبيه ليستريح برهة، وتثوب إليه نفسه وتستجم قوته، وليستظهر بالعدد والعدد من عند أبيه / (٢/٣٥/ب) ، ثم يأتي ثانية لمحاربة عدوه، فإما عليه وإما له.


١ في م: ربه
٢. في ص (جسما) والتصويب من المحقِّق

<<  <  ج: ص:  >  >>