للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنختم هذا الباب بإبطال التثليث١ المسطور في هذه الأمانة. فنقول للنصارى: قد زعمتم أن معبودكم عبارة عن ثلاثة أقانيم، وهي: الوجود والحياة والعلم. فما دليلكم على حصرها في هذا العدد؟! وبِمَ تنكرون على من يرى أنها أربعة، ويزيد القدرة فيصير التثليث تربيعاً؟!.

فإن قالوا: لا حاجة إلى ذلك إذ في أقنوم العالم مندوحة عن إثبات القدرة.

قلنا: لا نسلم لكم ذلك. فمن أين يلزم من حصول العلم حصول القدرة؟!. فقد يكون الواحد عالماً ولا يكون قادراً، إذ حظ العلم [كشف] ٢ للمعلوم ومعرفته على ما هو به، وحظ القدرة الاختراع والإيجاد، فلا يلزم من معرفة الشيء إيجاده ولو جاز الاجتزاء بالعلم عن القدرة لجاز الاجتزاء بالحياة عن العلم، وكما لا يلزم من الحيّ أن يكون عالماً، فكذلك لا يلزم من العالم أن يكون قادراً وكما أن العلم لا يُفْقَدُ إلاّ ويخلفه ضدّه وهو الجهل، فكذلك القدرة لا يجوز أن تفقد إلاّ ويخلفها ضدّها وهو / (٢/٤٠/ب) العجز.

وقد أوجد الباري تعالى العالم بعد أن لم يكن، وذلك أنثر القدرة لا أثر العلم، وإلاّ فقد كان العلم حاصلاً لله تعالى قبل الإيجاد وهو التعلق، فقد وجب وصفه تعالى بالقدرة. وإذا ثبت وصفه بالقدرة فقد وجب وصفه بالإرادة، إذ حظ القدرة الاختراع والإبداع. وحظ الإرادة التخصيص بالمقادير والأشكال والأزمان والأحوال. فقد بطل القول بالتثليث ووجب وصفه تعالى بالجلال والكمال. وذلك يستدعي وصفه سبحانه وتعالى بأنه واحد حيّ عالم قادر مريد سميع بصير متكلم. وهذه الصفات الزائدة على الثالوث قد نطقت به صحف أهل الكتاب. وهي موجودة في التوراة والإنجيل


١ لقد سبق لنا التعليق على عقيدة التثليث عند النصارى في الباب السابع.
٢ في ص (يكشف) ولعل الصواب ما أثبتّه

<<  <  ج: ص:  >  >>