للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أن له في السماء الثالثة خليفة يسمّونه الله الأصغر. ويزعمون أنه مُدَبِّر العالم١. وهم يقولن بالنسخ٢.

٥- فضيحة أخرى: من اليهود طائفة يقال لهم: العنانية٣. وهم يوحدون ولكنهم يحيلون النسخ من جهة العقل والسمع جميعاً.


١ قال ابن حزم عن اليهود: "واعلموا أنهم أفردوا عشرة أيام من أوّل أكتوبر يعبدون فيه ربّاً آخر غير الله عزوجل. فحصلوا على الشرك المجرد. واعلموا أنّ الرّبّ الصغير الذي أفردوا له الأيام المذكورة يعبدونه فيها من دون الله عزوجل هو عندهم (صندلفون) الملك خادم التاج الذي في رأس معبودهم هذا أعظم من شرك النصارى - ولقد أوقفت بعضهم على هذا، فقال لي: (ميططرون) ملك من الملائكة". اهـ. (ر: الفصل ١/٣٢٨) .
٢ اتّفقت اليهود قاطبة على منع نسخ شريعتهم بشريعة نبي آخر، واختلفوا في جواز النسخ عقلاً وشرعاً:
أ- فذهبت طائفة الأشعنية إلى النسخ يجوز عقلاً ولا يجوز توقيفاً (لم يقع شرعاً) . (ر: تمهيد ص ١٨٧، الداعي ص ٣١٨) . وعلى هذا فإن قول المؤلِّف عن هذه الطائفة بأنهم يقولون بالنسخ محمول على أنهم يجوزون وقوع النسخ عقلاً لا شرعاً. ولكن يذكر الآمدي في كتابه: (الإحكام ٣/١٠٦) : "بأن هذه الطائفة تقول بامتناع النسخ عقلاً".
ب- وذهبت طائفة العنانية إلى أنه لا يجوز عقلاً ولا شرعاً. (ر: تمهيد ص ١٨٧) . ولكن الآمدي يذكر بأنهم يجيزونه عقلاً لا سمعاً. وخالف الأنباري في قوله بأنهم يجيزونه عقلاً وشرعاً. (ر: الإحكام ٣/١٠٦، الداعي إلى الإسلام ص ٣١٨) .
جـ وذهبت طائفة العيسوية إلى جوازه عقلاً وسمعاً. واعترفوا بنبوة محمّد صلى الله عليه وسلم لكن إلى العرب لا إلى بني إسرائيل. (ر: الإحكام ٣/١٠٦، الداعي ص ٣١٩) .
٣ العنانية (القراؤون) (ANANITES – KARAITES) : نسبة إلى عنان بن داود أحد كبار الأحبار في القرن الثامن الميلادي (كان موجوداً سنة ١٣٦هـ) في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، وحيث إن هذه الطائفة تتمسك بأسفار العهد القديم وحده - التي كانت تسمى عند اليهود (المقرا) أي: المقروء - وتفكر بالتلمود، فقد سمي أتباع هذه الطائفة بـ: (القرائين) في القرن التاسع الميلادي. ويرى بعض المؤرخين أن القرائين إنما هم امتداد فكري لطائفة (الصدوقيين) القديمة. أما أعداؤهم من اليهود الربانين فيسمون القرائين بـ: (مينيم) أي: الزنادقة، و (أبيقوريم) أي: الأبيقوريين نسبة إلى المدرسة الفلسفية اليونانية الوثنية. والعداء مستحكم بين الطائفتين إلى حدّ أنّ كلاً منها تُكَفِّر الأخرى وتُنَجِّسها وتُحرِّم التعامل والزواج من أتباعها، ومن أبرز مبادئهم ما يأتي:
أ- تأثّروا بالصدوقيين والعيسوية في التمسك بأسفار العهد القديم فقط وإنكار التلمود.
ب- تأثّروا بالإسلام فقالوا بأن عيسى عليه السلام ليس زنديقاً وإنما كان رجلاً من بني إسرائيل تقياً صالحاً ومصلحاً، وبأن محمّداً صلى الله عليه وسلم نبي حقّ إلاّ أنهم زعموا بأن عيسى لم يكن نبيّاً وبأن محمّداً صلى الله عليه وسلم لم ينسخ شريعة التوراة. وقالوا: بنفي التجسيم والتشبيه عن الله عزوجل.
جـ يخالفون سائر اليهود في أحكام السبت والأعياد. وينهون عن أكل الطيور والظباء والسمك والجراد. ويذبحون الحيوان على القفا.
د- يعتبرون مؤسس فرقتهم عنان قديساً ويجعلون له دعاءً خاصاً في صلواتهم.
هـ يعادون الحركة الصهيونية وينفرون منها؛ لأنهم يرون أن استيلاء الكفرة الربانيين على مقدسات إسرائيل خطرٌ يهددهم.
وقد كان أكثر القرائين يقيمون في مصر والشام وتركيا والعراق وإيران وبعض أجزاء من روسيا وأوربا الشرقية والأندلس. وعددهم قليل بالنسبة إلى اليهود عموماً حالياً يوجد منهم حوالي عشرة آلاف يتركزون حول الرملة وعدد معابدهم تسعة.
(ر: دائرة المعارف اليهودية ٢/٩١٩-٩٢٢، ١٠/٧٦١-٧٨٥، تاريخ الإسرائلييتن ١١٩، ١٢٠، إفحام اليهود ص ١٧١-١٧٥، تمهيد الأوائل ص ١٧٨، الملل والنحل ١/٢١٥، الفصل ١/١٧٨، الداعي إلى الإسلام ص ٣١٨، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ٨٢، للفخر الرازي، الخطط ٣/٥٠٧، الفكر الديني ص ٢٤٧-٢٥٦، اليهودية ص ٢٣١، د. أحمد شلبي، اليهودية ص ١٧٨، ١٧٩، د. محمّد بحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>