للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما هذه الفرق الأربع فيزعمون أنهم أهل توحيد لا يذكر بينهم اختلاف في ذلك. فأما القراؤون فمشبهة، وأما الربانيون فمعتزلة١، وأما العيسوية فتقرُّ بنبوة عيسى ومحمّد عليهما السلام، وأما السامرة فهم طائفتان كما تقدم.

الكلام على اليهود:

أما العيسوية المعترفون بنبوة محمّد عليه السلام ورسالته إلى العرب خاصة. فنقول لهم: إذا صدقتم محمّداً في قوله: (إنه نبي) لزمكم تصديقه في كلّ ما أخبر به، ومن جملة ما أخبر به أنه رسول الله إلى الناس أجمعين. قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيكُم جَمِيعاً} . [سورة الأعراف، الآية:١٥٨] .

فإن قالوا: (الناس) أهل مكة لا غير. إذ كلّ ما في كتابه من هذه الآي فهو مخاطب به أهل مكة، وما كان منه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} . فالمخاطب به أهل المدينة.

قلنا: لا نُسَلِّم لكم هذا التأويل. بل الناس المذكورون بالألف واللام لاستغراق جميع الناس من بني آدم. وقد أكَّده بقوله: {جَمِيعاً} ، والدليل على ذلك قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَلَ الفُرْقَانَ عَلَى٢عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} . [سورةالفرقان، الآية:١] .وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلْنَّاسِ} . [سورة سبأ، الآية: ٢٨] . {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [سورة الأنبياء، الآية:١٠٧] .


١ قال الشهرستاني عن اليهو: "وأما القول بالقدر: فهم مختلفون فيه حسب اختلاف الفريقين في الإسلام. والربانيون كالمعتزلة فينا. (الذين يقولون بنفي القدر) والقراؤون كالجبرة والمشبهة (الذين ينفون الفعل حقيقة عن العبد ويضيفونه إلى الله تعالى) (ر: الملل والنحل ص ٢١٢) .
٢ / (٢/٤٤/ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>