للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء في قصة [حزقيا] ١ ملك يهوذا "أنه مرض فأوحى الله إلى أشعيا النبي عليه السلام أن قل لحزقيا يوصي فإنه ميت من علته هذه، فدخل عليه أشعيا وأخبره بوحي الله إليه في شأنه. فاستقبل حزقيا الجدار وبكى وتضرع إلى الله فنَزل الوحي على أشعيا النبي قبل خروجه من الدار يقول له، إن جزقيا يقوم من علته وينْزل إلى الهيكل / (٢/٤٩/ب) بعد ثلاثة أيام وأنه قد زيد في عمره خمس٢ عشرة سنة"٣. وإذا كانت كتب اليهود وتشهد بمثل هذه الأشياء لم يلتفت إليهم بعدها في ردّ النسخ. هذا وقد ابتدأ الله تعالى العالم بعد أن لم يكن وفرض تكاليف بعد أن لم تَجِب وأحدث أموراً ولم يدل ذلك على البداء، وقد نقل سبحانه عباده من حال إلى حال ومن صحة إلى سقم ومن حياة إلى موت ولم يدل على البداء. وكذلك نقلهم من جنس من التكاليف إلى جنس آخر لا يدلّ على البداء، وكأنه سبحانه يأمر عباده بالأمر فيتمرنوا عليه المدة الطويلة حتى يصير عندهم من قبيل الاعتياد، فيأمرهم بتركه والتزام سواه اختباراً لهم وامتحاناً لطاعتهم له. وهل امتثالهم لأمره طاعة محضة أو عادة مستصحبة٤. وكلّ ذلك منه حسن. فلا يدل شيء من ذلك على البداء والاستدراك.

فإذا وردت العبارة مطلقة بلفظ يوهم التأبيد ثم نسخت تَبَيَّنَّا٥ أن المراد بها وقت دون وقت. وقد تمسكت اليهود بقول التوراة: "تمسكوا بالسبت أبدا الدهر"٦. (٢/٥٠/أ) فظنوا أنّ ذلك للتأبيد، وأن لفظه نصّ لا يحتمل التأويل،


١ في ص، م: حزقيال، والتصويب من النّصّ. وحزقيا: تقدمت ترجمته. (ر: ص ٣٧٧) .
٢ في م: عشر.
٣ سفر أشعيا ٣٨/١-٥.
٤ في م: مستطحبه.
٥ في م: بينا.
٦ سفر الخروج ٣١/١٦، ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>