للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: أمرت التوراة بقتل من أحل السبت وجوز فيه الأعمال١. قالوا: وقد أحدث سلفنا في السب حدثاً فمسخوا.

واعلم أنّهم لما ألزموا بما في التوراة والنبوات من الأحكام التي نسخت وتجدد غيرها عدلوا إلى هذه اللفظة، وليس كما ذهبوا إليه إذ قوله: "تمسكوا بالسبت أبد الدهر" يحتمل صلة محذوفة وهي: "ما لم يأتكم نبيّ يأمركم بحِلِّه". والدليل على هذا الاحتمال أنه لو قرن بآخر الكلام وسيق معه لم يتناقض ولم ينب عنه وإذ كان الكلام يقبله حملناه عليه إذ نبوة عيسى ومحمّد لا سبيل إلى ردّها.

وقول التوراة إن صحّ يمكن تخصيصه، فواجب أن يُخَصَّ لضرورة الجمع بين أقوال الصادقين حتى لا تقع المعارضة بين الأدلة القطعية، فتحريم العمل في السبت حكم من جملة الأحكام التكليفية فنسخه كنسخ سائر الأحكام. والدليل على أن قوله: "تمسكوا بالسبت أبد الدهر" / (٢/٥٠/ب) ليس للتأبيد بل لدهر مخصوص وزمان مؤقت، قول التوراة: "قال الله تعالى لنوح لما كثرت خطايا البشر: لا تسكن روحي٢ في البشر إلى الدهر"٣ - ثم قال بعد ذلك لموسى عليه السلام: "يعمل لك قبة الزمان [بصلئيل] ٤ الذي من سبط يهودا٥ الذي ملأته روح الله بالعلم والحكمة". - وقال أيضاً -: "كذلك في رفيقه الذي من سبط دان"٦. وهما من البشر. فوضع أن لفظة الدهر لا تقتضي التأبيد.


١ سفر الخروج ٣١/١٥، سفر ١٥/٣٢-٣٦.
٢ في م: روح.
٣ تكوين ٦/٣.
٤ في ص، م (بصل إلي) والتصويب من النّصّ.
٥ في م: اليهود.
٦ خروج ٣١/١، ٢، ٦، ٣٥/٣٠-٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>