للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

شددت وغلظت على من يفعل شيئاً من ذلك. / (٢/٧٣/ب) والمسيح عليه السلام قد١ قال في إنجيله: "إنه لم يأت لنقض التوراة بل جاء لإكمالها"٢. فهذه التوراة مصرحة بتكفير عابد الصور. وهذا الإنجيل ليس فيه لها ذكر. وهذه كنائس النصارى مملوءة بها. فلم يبق إلاّ المجاهرة والعناد وعبادة الأنداد.

٦٨- فضيحة أخرى: للروم كنيسة ببعض بلادهم يحجون إليها في يوم من السنة فيشاهدون صنماً بها. إذا قُرأ الإنجيل بين يديه درَّت ثدياه وخرج منه اللبن فيشاهده من حضر ويتحدث فيه من غاب ويعدها آية بيّنة ودلالة على الدين ليست بالهينة. ويحصل للسدنة بسبب ذلك مال عظيم. فبحث ملكهم عن ذلك فوجد القَيِّم قد ثقب من وراء الجدار طاقة لطيفة وهندمها حتى أوصلها بثدي الصنم وجعل فيها أنبوبة من نحاس وأصلحها بالجير وأخفى أمرها. فإذا كان يوم العيد فتحها وصبّ فيها لبناً فيخرج من ثدي الصنم ويسقط نقطَةً نقطةً على تدريج فلا يشكّ من حضر أنها آية ظهرت عند / (٢/٧٤/أ) تلاوة الإنجيل وبركة العيد. فلما انكشف له وجه هذه الحيلة ضرب عنق القيم وتقدم أن لا يبقى في الكنائس ببلده صورة٣. فوقع بينهم اختلاف بذلك وكفَّر بعضهم بعضاً وبَدَّعه وتبرأ منه.

٦٩- فضيحة أخرى: للنصارى صنم بالقسطنطينية له عيد في السنة تحج إليه النصارى من كلّ وجه في يوم مشهود. فإذا تلي الإنجيل بين يديه بكى بالدموع الغزار. فيشاهد ذلك من حضر ويكثرون الابتهال والدعاء ويعجون بالبكاء فاجتمع عنده مال واحتاج الملك إلى قرض فرام اقتراض ذلك وأخذه


١ في ص (فقد) والمثبت من م.
٢ متى ٥/١٧.
٣ نقل ابن القيم هذه الفضيحة وذكر أنها حدثت في زمن المتوكل. (ر: إغاثة اللهفان ص ٦١٩) . ولكن ذكر المقريزي أن هذه الفضيحة وقعت في زمن (قسيما) - الذي تولى بطركية اليعاقية في مصر سنة ٢٤٤م. وأقام فيها سبع سنين وخمسة أشهر ثم مات - وبأن اسم الملك الذي أمر بمحو الصور من الكنائس بسبب هذه الفضيحة - هو نوفيل بن ميخائيل ملك الروم. (ر: الخطط ٣/٥٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>