يقول ول ديورانت: "إن الكنيسة - أوّل أمرها - تكره الصور والتماثيل وتعدها بقايا من الوثنية. وتنظر بعين المقت إلى فن النحت الوثني الذي يهدي إلى تمثيل الآلهة. ولكن انتصار المسيحية في عهد قسطنطين وما كان للبيئة والتقاليد والتماثيل اليونانية من أثر في القسطنطينية والشرق الهلنستي - كلّ هذا قد خفف من حدة مقاومة هذه الأفكار الوثنية. ولما أن تضاعف عدد القديسين المعبودين نشأت الحاجة إلى معرفتهم وتذكرهم، فظهر لهم ولمريم العذراء كثير من الصور. وحَوَّل الشعب المسيحي الآثار والصور والتماثيل المقدسة إلى معبودات يسجدون لها ويقبلونها ويطلبون المعجزات بتأثيرها الخفي". اهـ. وعندما تولى الإمبراطور ليو الثالث (٧١٣-٧٤١م) عرش الإمبراطورية - وكان متأثراً بالمسلمين في تحريمهم التماثيل والصور - فإنه عقدا مجلساً من الأساقفة وأعضاء مجلس الشيوخ وأذاع بموافقتهم في عام ٧٢٦م مرسوماً يقضي فيه تحريم عبادة الأيقونات وإزالتها من الكنائس والأديرة. وسانده في هذا المرسوم المثقفون من النصارى. ولكن عارضه المؤيّدون لعبادة الأيقونات وهم الرهبان والأساقفة وقاموا بمساندة الشعب بثوراتهم ضدّه. وخلفه ابنه قسطنطين الخامس (٧٤١-٧٧٥م) الذي عقد مجمعاً بالقسطنطينية سنة ٧٥٤م للتأكيد على تحريم عبادة الأيقونات. كما سار على نهجه ابنه الرابع (٧٧٥-٧٨٠م) وبعد موته انتقلت السلطة إلى أرملته (إيريني) الوصية على ابنها الصغير قسطنطين السادس. وقد كانت من أشدّ أنصار عبادة الصور والتماثيل. فألغت تنفيذ المرسوم السابق وعينت طرسيوس - وهو من عادة الأيقونة - في منصب بطريرك القسطنطينية. ثم سعت إلى عقد المجمع المسكوني السابع في نيقية سنة ٧٨٧م الذي أقر تعظيم الصور والتماثيل المقدسة لا عبادتها وبأنه تعبير مشروع عن التقي والإيمان النصراني. وبذلك انتصر المؤيّدون لمذهب الصور وعبادتها لكن الصراع لا زال دائراً حيث أيّدت طائفة البروتستانت القول بتحريم الصور والتماثيل وإزالتها من الكنائس. (قصة الحضارة ١٤/١٥٤-١٥٨، المسيحية في العصور الوسطى ص ٤٧، ٥٢-٥٤، جاد المنفلوظي، يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء، ص ٢٢٥-٢٣٩، د. رؤوف شلبي) .