للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد، فقد أكل الأنبياء والنجباء من عباد الله اللحم واغتذوا به فلو كان لذلك أصل لكان مذكوراً في نبواتهم ومأثوراً عنهم.

٧٢- فضيحة أخرى: جوَّز النصارى على الباري تعالى النّزول والصعود والحركة والسكون وتلك أدلة حدث العالم عند المحقِّقين١. فإذا وصفوا الباري بذلك / (٢/٧٦/ب) فقد أبطلوا الدلالة على حدث العالم وذلك يمنع من إثبات الصانع. فكأنهم يحاولون إثبات الروبية بما يستدعي نفيها وإبطالها٢.

٧٣- فضيحة أخرى عظيمة: أكل النصارى لحوم الخنازير وأحلوه وذلك مما أحدثوه بعد المسيح وقد رفع الله المسيح وإن الخنْزير لحرام. فراغموا التوراة والإنجيل. أما التوراة فقال الله فيها: "الخنْزير حرام عليكم فلا تأكلوه"٣.


١ قلت: تلك أدلة حدث العالم عند الفلاسفة ومن تابعهم من المعتزلة والأشاعرة. وفي ذلك يقول الإمام ابن تيمية: "وأما المعتزلة والجهمية ومن تبعهم، فطريقتهم المشهورة في إثبات حدوث العالم وإثبات الصانع هي الاستدلال بإثبات الأعراض أوّلاً، وإثبات حدوثها ثانياً. وبيان استحالة خلوّ الجواهر عنها ثالثاً. وبيان استحالة حوادث لا أوّل لا رابعاً. وقد وافقهم عليها أكثر الأشعرية وغيرهم. وهذه هي التي ذمّها الأشعري وبيّن أنها ليست طريقة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ولا من اتبعهم". اهـ.
(ر: درء تعارض العقل والنقل ١/٣٨-٤١، ٧/٢٢٣-٢٣٢ لابن تيمية، رسالة إلى أهل الثغر، ص ١٧٨-١٨٧، لأبي الحسن الأشعري، وللتوسع في الرّدّ على تلك الأدلة، مجموع الفتاوى ٦/٤٩، ٥٠، ٢٤٧-٣٠٢، لابن تيمية) .
والفرق ظاهر بين إثبات النصارى لتلك الصفات وبين إثبات المسلمين. فإثبات النصارى إثبات تجسيم لإلههم المجسم المُحدث وهو المسيح بزعمهم. وهو الضلال بعينه. أما إثبات المسلمين لصفات الله عزوجل فمبني على الوحي والنقل الصحيح من غير تشبيه أو تمثيل أو تكييف أو تعطيل. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. ولا يحيطون به علماً. وقدتقدم بيان مذهب أهل السنة والجماعة في ذلك. ر: ص:٩٠،٩١.
٢ ليست في (م) .
٣ لاويين ١١/٧، ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>