للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً} . ولم نرسل الملائكة بل لم نبعث إلى البشر إلاّ من جنسهم فقل لمن تَعَنّد: فليسأل أهل الكتاب هل بعث الله قط الرسل إلى الناس / (٢/٧٧/ب) إلاّ من جنسهم فإنهم سيخبرونهم بصحّة ذلك. والنَّزاع لم يكن بين النبي عليه السلام وبين العرب في إرسال النساء أو الرجال، بل في إرسال الملائكة والآدميين١.

هذا، إن سلمنا ما ادّعوه من نبوة هؤلاء النسوة. ونحن لم نصدّقهم فيما لم تقم عليه حجّة ولا دلّ عليه دليل ولم نتجاوز بهم القدر اللائق بهم والمشهود به على لسان أرميا وأشعيا - عليهم السلام - من لعنهم وخزيهم ومقتهم ولنا في ذلك أسوة حسنة بمن تقدمنا من أنبياء الله. فقد قال أشعيا فيهم: "عرف الثور من اقتناه، والحمار مربط ربه، ولم يعرف ذلك بنو إسرائيل"٢. ومن لا يعرف ربه فالأولى أن لا يعرف نبيّه. ومن جهل المرسل جهل الرسول لا محالة. ومن غلط فأخرج من ديوان النبوة مثل نوح وإبرهيم وإسرائيل فغير عجيب منه إثباتها للنسوة المجاهيل.


١ قال الضحاك عن ابن عباس: "لما بعث الله محمّداً رسولاً أنكرت العرب ذلك. أو من أنكر منهم. وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمّد. قال: فأنزل الله: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ} . وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ تعلمون بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} . فاسألوا أهل الذكر: يعني: أهل الكتب الماضية. أبشراً كانت الرسل التي أتتكم أم ملائكة؟ فإن كانوا ملائكة أنكرتم، وإن كانوا بشراً فلا تنكروا أن يكون محمّد رسولاً". أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ١٤/١٠٩. (ر: تفسير البغوي والخازن ٤/٧٦، أسباب نزول القرآن ص ٢٨٥، لأبي الحسن الواحدي، تفسير القرطبي ١٠/١٠٧، تفسير ابن كثير ٢/٥٩١، الجواب الصحيح ١/٣٣٧، ٣٨، لابن تيمية) .
٢ سفر أشعيا ١/٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>