٤- الأخلاق: يفهم منها الغلو والإمعان في المثالية والتسامح والعفو ودفع السيئة بالحسنة. (ر: متى الإصحاح ٥) ، ولا يمنع هذا من وجود بعض النصوص في الأناجيل التي تدعو إلى القتال، إلاّ أنّ جانب المثالية والتسامح هو الأغلب. ٥- الزواج وتكوين الأسرة: لم تهتم الأناجيل كثيراً بمسألة الزواج، ولكن يفهم منها عموماً أن المتبتل الأعزب أقرب إلى الله من المتزوج الذي يعاشر النساء. وقد تَمَّ اعتماد هذه الأناجيل الأربعة عند النصارى بموجب قرار مجمع نيقية عام ٣٢٥هـ، - وهو مما يدل على أن العقيدة النصرانية المنحرفة قد أقرت أوّلاً ثم بحث من بين الأناجيل المعروضة على المجمع ما يوافقها - مع أنّها لم تكن الأناجيل الوحيدة التي دونت في القرون الأولى للمسيحية وعرضت على مجمع نيقية، وعلى الرغم من أن الكنيسة قد أعلنت بعد المجمع أن ما عدا الأناجيل الأربعة والأسفار المعتمدة فإنّها هرطقات أو أسفار خفية غير قانونية اصطلح على تسميتها بـ: (أبو كريفا (APOCYRPHAL) ، فقد بقيت بعض الأناجيل المحرفة متداولة ومشتهرة بين النصارى حتى عهد قريب. ومنها: إنجيل المصريّين، إنجيل نيكوديم (نيقوديموس) ، إنجيل العبرانيّين، إنجيل توما، إنجيل برنابا، إنجيل الأبيونيّين وقد عدّها بعضهم فبلغت أكثر من خمسمائة إنجيلاً - علماً بأن الكتب الممنوعة الاطلاع في مكتبات الكنائس وخاصة في الفاتيكان أكثر من أن تحصى والتي لا يطلع عليها إلاّ الخاصة من كبار القساوسة وإن قيمة بعض تلك الأناجيل المحرمة من حيث السند والمتن ليست بأسوأ حال من الأناجيل المعتمدة إن لم تكن أفضل منها، ولكن النصارى اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله. (ر: دائرة المعارف الأمريكية ١٣/٧٠، ٧١، قاموس الكتاب ص ١٢٢، دائرة معارف القرن العشرين ١/٦٥٥، ٦٥٦ لفريد وجدي، المسيح في مصادر ص ٣٦-٣٨، أحمد عبد الوهّاب، ملحق الجزء الأوّل لشكيب أرسلان على تاريخ ابن خلدون ص ٥٩-٦٤، الإنجيل والصليب ص – ط، للأستاذ المهتدي عبد الأحد داود - الذي كان قسيساً فأسلم -) . وأما تعريف الإنجيل في الإسلام فهو كما قال الله عزوجل: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} . [سورة المائدة، الآية: ٤٦] . فهو إذن: وحيٌ وكتابٌ أنزل الله على عبده عيسى عليه السلام فيه هدىً ونورٌ وموعظة ومصدِّقاً لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهو إنجيلٌ واحدٌ وليس أناجيل متعددة، وقد كان المسيح يدعو بني إسرائيل للإيمان بهذا الإنجيل كما ورد التصريح بذلك في إنجيل متى ٢٦/١٣، ومرقس ١٤/٩، وورد في رسالة بولس إلى رومية ١٥/١٩، نسبة الإنجيل إلى المسيح فقال: "قد أكملت التبشير بإنجيل المسيح". إلاّ أنّ هذا الإنجيل قد فقد واندثر أو لعبت به أيدي التحريف والتبديل والنسيان والإهمال حتى انطمست آثاره ومعالمه باختلاط الحقّ بالباطل. أما هذه الأناجيل الأربعة فإنه ليس واحداً منها هو الإنجيل الصحيح، لأنها تنسب إلى غير المسيح ولِمَا فيها من الباطل الذي قد بينا بعضه ولأسباب أخرى سيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى، ومع ذلك فإنه لا ينفي وجود بعض بقايا الوحي الإلهي في خطب المسيح، ومواعظه التي نقلها تلاميذه وتوافق ما جاء في القرآن الكريم والسنة الصحيحة وفيها البشارة بالنّبي ّ محمّد صلى الله عليه وسلم.