للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فتغافل عنه الربيع١ لينساه، ثم أعاد ذكره للربيع، وقال: ابعث من يأتي به قتلني الله إن لم أقتله. فلما كان في الثالثة أحضره الربيع، وقال: أبا عبد الله اذكر الله فإنه قد أرسل إليك للتي لا شوي لها. فقال جعفر - رضوان الله عليه -: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله / (٢/١٨١/أ) العلي العظيم. ثم أعلم المنصور بحضوره. فلما دخل قال: يا عدوّ الله اتّخذك أهل العراق إماماً يُؤَدُّون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل، قتلني الله إن لم أقتلك. فقال: يا أمير المؤمنين إن سليمان عليه السلام أعطي فشكر، وإن أيوب ابتلى فصبر، وأن يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك السِّنخ٢. فقال له المنصور: [أنت عندي يا أبا عبد الله] ٣ البريء الساحة، والسليم الناحية، القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما ذوي الأرحام عن أرحامهم. ثم تناول يده فأجلسه معه على فراشه ثم دعا بالغالية والطيب فغلَّفه بيده حتى خلت لحيته قاطرة، ثم قال: في حفظ الله وكلأته. ثم قال: يا ربيع الحقّ أبا عبد الله بجائزته وكسوته، سِرْ أبا عبد الله في حفظ الله وفي كنفه. قال الربيع: فلحقه بذلك فقلت له: إني قد رأيت من هذا الرجل في أمرك ما لم تره، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت فما قلت يا أبا عبد الله حين دخلت عليه؟


١ هو: الربيع بن يونس، الوزير الحاجب الكبير. أبو الفضل الأموي، من موالي عثمان رضي الله عنه. كان وزيراً للمنصور، وكان من نبلاء الرجال. وألبائهم، توفي سنة ١٦٩هـ. (ر: سير أعلام النبلاء ٧/٣٣٥، شذارت الذهب ١/٢٧٤) .
٢ السِّنخ - بالكسر -: الأصل. (ر: القاموس ص ٣٢٣) .
٣ في م، ص: (إلى وعندي أبا عبد الله) ، وهو خطأ، والتصويب من كتاب الفرج بعد الشدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>