للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

عن المنكر / (٢/١٨٣/أ) وبر الوالدين وصلة الرحم وحفظ الجار وفرض الصدقات والأمر بالصيام والصلاة والحثّ على محاسن الأخلاق ومكارم العادات، ثم كسر الأصنام وعطل الأوثان وأخمد النيران وأعلن بالأذان١.

فأما هو في نفسه صلى الله عليه وسلم فأربى على سائر الأمم في العبادة وتقدم إخوانه من المرسلين في الإرشاد والإفادة، فهذه ثمار محمّد صلى الله عليه وسلم التي صارت أعلق به من الغرام ببني عذرة، والإقدام بابن أبي صفرة.

وقد بين يوحنا الإنجيلي أن التحاذير إنما كان من الدجال قال في رسالته الثانية: "إنه قد خرج في العالم ضُلاّل كثيرون لا يعترفون بالمسيح الجسداني، فمن كان من٢ هؤلاء فهو الضالّ المضل، فأما المقيم على تعليم السيد المسيح فالأب يكون معه"٣.

والتعليم الذي أمر به المسيح هو توحيد الباري وتنْزيهه، وقوله: "أنا نبيّ الله ورسوله وعبده، لا أعمل


١ وهذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، فإن دعوته وما اشتملت عليه شريعته من الكمال في أمور الدين والدنيا، والآداب والفضائل لا تكون إلاّ وحياً من عالم الغيب والشهادة العليم الحكيم.
ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم - إضافة على ما سبق - قرائن أحواله صلى الله عليه وسلم وسيرته قبل النبوة وبعدها، واتّصافه صلى الله عليه وسلم بالأخلاق العظيمة والكمال الإنساني، وزهده في الدنيا بعد إقبالها عليه صلى الله عليه وسلم.
ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم أيضاً نصرة الله عزوجل وحفظه إيّاه، وتمكين أسباب النصر له الخارجة عن عادة البشر، وإعلاء أمره وإظهار دعوته على رؤوس الأشهاد في سائر البلاد.
ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم أيضاً أن الداعين إلى دينه من بعده والشاهدين بحقيقة أمره كانوا خيار الناس وأبرارهم كأبي بكر الصّدّيق وعمر وعثمان وعليّ وغيرهم من الصحابة - رضوان الله عليهم - المبسوطة أخبارهم في كتب التاريخ مما يشهد بزهدهم وورعهم وكمال أخلاقهم - كيف لا يكونوا كذلك وقد تربوا في مدرسة المصطفى صلى الله عليه وسلم - وقد أقبلت عليهم الدنيا بزهرتها فأدبروا عنها، فمن كانوا كذلك لم يظن بهم الأباطيل والكذب. والله أعلم.
٢ ليست في م.
٣ رسالة يوحنا الثانية ١/٧-١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>