للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن قصة الدجال مشهورة عند سائر١ الأمم، ولم يبعث نبي بعد نوح عليه السلام إلاّ وقد حذّره قومَه٢، وقصة صاف٣ بن صياد صحيحة / (٢/١٨٥/أ) عند أهل الحديث٤ ونحن نؤثر الاختصار.


١ أجمع أهل السنة والجماعة على خروج الدجال في آخر الزمان، فإن الإيمان بذلك واجب يدخل ضمن الإيمان باليوم الآخر، لأنه من أشراط الساعة الكبرى ومن أنكر خروجه فقد خالف ما دلت عليه الأحاديث المتواترة وخالف ما عليه أهل السنة الجماعة، ولم ينكر خروجه إلاّ بعض المبتدعة كالخوارج والجهمية وبعض المعتزلة وبعض الكتاب العصريّين والمنتسبين إلى العلم كالشيخ محمّد عبده، والشيخ محمّد فهيم أبو عبية، وغريهم ممن لم يعتمدوا على حجة صحيحة يدفعون بها النصوص المتواترة سوى عقولهم وأهوائهم ومثل هؤلاء لا عبرة بهم ولا بقولهم، والواجب على المؤمن الإيمان بما صحّ الله ورسوله واعتقاد ما يدلّ عليه، لأن مقتضى الإيمان بالله ورسوله هو التسليم لما جاء عنهما والإيمان به. والله أعلم.
٢ أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء، باب (٣) . (ر: فتح الباري ٦/٣٧٠) ، ومسلم ٤/١١٤٥، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: "إني لأنذركموه. ما من نبي إلاّ أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومَه ... " الحديث.
٣ صاف - ويقال: عبد الله بن صياد - أبو صائد كان من يهود المدينة، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أعور مختوناً، وكان دجالاً يتكهن أحياناً فيصدق ويكذب، وقد فُقد ابن صياد يوم الحرة، وذكره الذهبي في التجريد وقال: إنه أسلم فهو تابعي، له رؤية.
وقد التبس على العلماء ما جاء في ابن صياد وأشكل عليهم أمره: فقال بعضهم: إنه غير الدجال الأكبر، وإليه ذهب البيهقي وابن تيمية وابن كثير.
قال بعضهم: إنه الدجال، وإليه ذهب القرطبي، والنووي والشوكاني فيما يفهم من كلامهما. ولكل منهم دليله فيما ذهب إليه.
(ر: التجريد ١/٣١٩، التذكرة ص ٧٠٢، للقرطبي، شرح النووي لصحيح مسلم ١٨/٤٦، ٤٧، نيل الأوطار ٧/٢٣٠، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص ٧٧، النهاية ١/١٧٣، لابن الأثير، الإصابة ٥/١٣٦، أشراط الساعة ص ٢٨٣-٣٠٤، يوسف الوابل) .
٤ ابن صياد وما جاء فيه من الأحاديث أخرجها البخاري. (ر: فتح الباري ٣/٣١٨، ١٣/٢٢٣) ، ومسلم ٤/٢٢٤٠-٢٢٤٧، وأحمد في المسند ٥/١٤٨، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>