للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= لم يعرض مانع جائز بإجماع من أصحابنا، فلو كان الابتداء عامل في الخبر لزم من جواز تقديمه على المبتدأ تقديم معمول العامل المعنوي الأضعف.
الرابع: أن رفع الخبر عمل وجد بعد معنى الشرط، والاسم الذي تضمنه فكما لا
ينسب الجزم لمعنى الشرط بل للاسم الذي تضمنه كذلك لا ينسب رفع الخبر للابتداء بل للمبتدأ.
وأمثل من قول من قال الابتداء رفع المبتدأ والخبر معًا قول أبي العباس: الابتداء رفع المبتدأ بنفسه ورفع الخبر بوساطة المبتدأ.
وهو أيضًا مردود؛ لأنه قول يقتضي كون العامل معنى متقويًا بلفظ.
والمعروف كون العامل لفظًا متقويًا بلفظ كتقوي الفعل بواو المصاحبة، أو كون العامل لفظًا متقويًا بمعنى كتقوي المضاف بمعنى اللام أو بمعنى "من".
فالقول بأن الابتداء عامل مقوى بالمبتدأ لا نظير له فوجب رده.
وقول من يقول: إنهما مرفوعان بالتجرد للإسناد مردود -أيضًا- بما رد به قول من قال: هما مرفوعان بالابتداء.
وفيه رداءة من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه جعل التجرد عاملًا، وإنما هو شرط في صحة عمل الابتداء، والابتداء هو العامل عند سيبويه وغيره من المحققين.
الثاني: أنه جعل تجردهما واحدًا، وليس كذلك فإن تجرد المبتدأ تجرد الإسناد إلى ما يسد مسد مسند إليه، وتجرد الخبر إنا هو ليسند إلى المبتدأ، فبين التجريدين بون، فكيف يتحدان؟ ؟
الثالث: أنه أطلق التجرد، ولم قيده فلزم من ذلك ألا يكون مبتدأ ولا خبرًا ما جر منهما بحرف نحو "ما فيها من أحد" و"هل أخو عيش لذيذ بدائم".
وأما كون المبتدأ والخبر مرفوعًا أحدهما بالآخر، فهو قول الكوفيين وهو مردود -أيضًا- إذ لو كان الخبر رافعًا للمبتدأ كما كان المبتدأ رافعًا للخبر لكان لكل منهما في التقدم رتبة أصلية؛ لأن أصل كل عامل أن يتقدم على معموله، فكان لا يمتنع "صاحبها في الدار" كما لا يمتنع "في داره زيد" وامتناع الأول وجواز الثاني دليل على أن التقدم لا أصلية فيه للخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>