السابقين أيضاً كصالح عليه السلام، قال الله تعالى في سورة الأعراف:{فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: هذا تقريع من صالح عليه السلام لقومه لما أهلكهم الله بمخالفتهم إياه وتمردهم على الله وإبائهم عن قبول الحق وإعراضهم عن الهدى إلى العمى، قال لهم صالح ذلك بعد هلاكهم تقريعاً وتوبيخاً وهم يسمعون ذلك. اهـ. وكشعيب عليه السلام، قال تعالى في سورة الأعراف:{فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} .
قال الحافظ بن كثير: أي فتولى عنهم شعيب عليه السلام بعدما أصابهم ما أصابهم من العذاب والنقمة والنكال، وقال مقرعاً لهم وموبخاً:{يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} . اهـ.
ولا يخفاك أن المؤلف عزا روايته إلى البخاري وأصحاب السنن، وهذا دال على أن مسلماً لم يخرجه، وهو غفلة فاحشة، فإن مسلماً أخرجه في (باب عرض مقعد الميت من الجنة والنار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه) ولفظه هكذا:
عن أنس بن مالك قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة فترائينا الهلال، وكنت رجلاً حديد البصر فرأيته، وليس أحد يزعم أنه رآه غيري، قلت فجعلت أقول لعمر: أما تراه؟ فجعل لا يراه، قال يقول عمر: سأراه وأنا مستلق على فراشي، ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس يقول: "هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله، قال فقال عمر: فوالذي بعثه بالحق ما أخطؤا الحدود التي حد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فجعلوا في بئر بعضهم على بعض، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليهم فقال: "يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان، هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقاً فإني قد وجدت ما وعدني الله حقا قال عمر: يا رسول الله كيف تكلم أجساداً لا أرواح فيها، قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علي شيئاً" وفي رواية أخرى له عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثا ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال: "يا أبا جهل بن هشام، يا أمية