ابن خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا"، فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف يسمعون، أو أنى يجيبون وقد جيفوا؟ قال: "والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منه، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا" ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر. اهـ.
وفي جنائز مسلم عن هشام عن أبيه قال: ذكر عند عائشة رضي الله عنها أن ابن عمر يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "أن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله" فقالت: وهل، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليعذب بخطيئته أو بذنبه وأن أهله ليبكون عليه الآن، وذلك مثل قوله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب يوم بدر وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما قال إنهم ليسمعون ما أقول وقد وهل، إنما قال إنهم ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق، ثم قرأت:{إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} ، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} يقول حين تبوؤا مقاعدهم من النار. اهـ.
وأيضاً القول المذكور يدل على أن أصحاب السنن كلهم أخرجوا هذا الحديث، مع أني راجعت السنن الأربعة، وتتبعت مظانه ولم آل جهداً فيه فلم أجده إلا في سنن النسائي، قال القسطلاني تحت حديث ابن عمر: وأخرجه أيضاً في المغازي مطولاً، ومسلم في الجنائز، وكذا النسائي، ولم يذكر أحد فيما أعلم أن الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه، فهذا أوضح دليل على قصور نظر المؤلف وقلة علمه وكثرة غلطه وخطئه.
قوله: وأما ما جاء من الآثار، عن الأئمة الأحبار، والعلماء الأخيار، والأولياء الكبار، مما يدل على جواز ذلك النداء والخطاب فشيء كثير تنقضي دون نقله الأعمار، ومضى على ذلك القرون والأعصار، ولا وقع منهم إنكار.
أقول: دلالة ما جاء من الآثار على جواز نداء الأموات والجمادات نداء حقيقياً بحيث يطلب فيه منهم ما لا يقدر عليه إلا الله ممنوعة، ومن يدعي فعليه البيان، وأما مطلق النداء فلا يمنعه أحد.