للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قوله: فكيف يجوز الإقدام على تكفير المسلمين، بشيء قام ثبوته بالبراهين؟

أقول: إنما نكفر بالنداء الحقيقي الذي يطلب فيه من الأموات والجمادات ما لا يقدر عليه إلا الله وهذا شيء لم يثبت بعد بالبراهين بل قام الدليل على كونه كفراً.

قوله: وفي الحديث الصحيح: من قال لأخيه المسلم يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه.

أقول: من نادى الأموات والجمادات نداء حقيقياً وطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله فقد انسلخ من الإسلام فلا يكون مكفره مصداقاً لهذا الحديث.

قوله: فلا يحكم على أحد من أهل القبلة بالكفر إلا بأمر واضح قاطع للإسلام.

أقول: لا شك أن عبادة غير الله أمر واضح قاطع للإسلام، والنداء المذكور عبادة غير الله بلا مرية، فكيف لا يحكم على من يرتكبه بالكفر؟

قوله: ورأيت رسالة للشيخ محمد بن سليمان الكردي المدني صاحب الحواشي على مختصر "بافضل" في الفقه على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، قال في تلك الرسالة يخاطب محمد بن عبد الوهاب حين قام بالدعوة، وكان محمد بن عبد الوهاب من تلامذة الشيخ محمد بن سلميان المذكور وقرأ عليه بالمدينة المنورة، قال في تلك الرسالة: يا ابن عبد الوهاب، سلام على من ابتع الهدى، فإني أنصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المؤمنين، فإن سمعت من شخص أنه يعتقد تأثير ذلك المستغاث به من دون الله فعرفه الصواب، وأذكر له الأدلة على أنه لا تأثير لغير الله تعالى، فإن أبي فكفره حينئذ بخصوصه ولا سبيل لك إلى تكفير السواد الأعظم من المسلمين، وأنت شاذ عن السواد الأعظم، فنسبة الكفر إلى من شذ عن السواد الأعظم أقرب لأنه اتبع غير سبيل المؤمنين، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} . وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.

أقول: لم يكفر الشيخ محمد بن عبد الوهاب أحداً من المؤمنين ابتداء، إنما دعا عباد القبور إلى إخلاص العبادة لله، ونهاهم عن دعاء الأنبياء والأولياء والصالحين، بحيث

<<  <   >  >>