اجتمعت به في حلب فقال لي لا بد أن أملك الأرض فقلت من أين لك هذا قال رأيت في النوم أني شربت البحر فقلت لعله يكون العلم فرأيته لا يرجع عما وقع في نفسه وهو كثير العلم قليل العقل انتهى وسمى بن أبي أصيبعة جده أميرك وسماه هو عمر وقال كان أوحدا في العلوم الحكمية جامعا للفنون الفلسفية بارعا في الأصول الفقهية مفرط الذكاء فصيح العبارة لم يناظر أحدا إلا أربى عليه ونقل عن فخر الدين المارديني أنه كان يقول إني أخشى على هذا الشاب يتلفه ذكاؤه وقال أيضا صفر الحلبي قدم إلى حلب في سنة سبع وسبعين ونزل في المدرسة الحلاوية وحضر مجلس الافتخار الحلبي وهو مدرسها يبحث وعليه ثياب خلق ومعه إبريق وعكاز فلما انصرف أرسل له الافتخار بدلة قماش مع ولده فقال ضع هذا واقض لي حاجة وأخرج فص بلخش قدر البيضة فقال لي بع هذا فأخذ منه عريف السوق وعرضه على الطاهر بن صلاح الدين فدفع فيه ثلاثين ألف دينار فشاور الشهاب فغضب وأخذ الفص فوضعه على حجر وكسره بآخر حتى تفتت وقال خذ هذه الثياب وقل لوالدك لو أردت الملبوس ما عجزت عنه فذكر ذلك لأبيه فنزل السلطان إلى المدرسة وكان سأل العريف عن الفص فقال هو لابن الافتخار فكلم السلطان الافتخار وسأله عن الفص وقص عليه قصته فقال إن صدق حديثي فهذا هو الشهاب السهروردي فطلبه وأخذه معه إلى القلعة فاغتبط به وبحث مع الفقهاء فأربى عليهم ثم استطال على أهل حلب جملة فآل أمره إلى أن أفتوا بقتله ونقل ابن أبي أصيبعة أنه كان لا يتلفت إلى شيء من أمور الدنيا وأنه كان أولا في أبناء فارس وعليه جبة قصيرة تدفا وعلى رأسه فوطة ووفي رجليه زر بولى كأنه فلاح وقال ابن أبي أصيبعة لما بهر فضله حسن موقعه عند الطاهر فدس عليه أعداؤه إلى السلطان صلاح الدين فخوفوه