للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثال آخر: "الرحمن": اسم من أسماء الله تعالى متضمن للرحمة الكاملة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها" يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته.

ومتضمن أيضا للرحمة الواسعة التي قال الله عنها: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} ١، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً} ٢.

وكما يكون الحسن في أسماء الله باعتبار كل اسم على انفراده فكذلك يكون باعتبار جمعه إلى غيره فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمالٌ فوق كمال.

مثال ذلك: "العزيز الحكيم" فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيرا، فيكون كل منهما دالا على الكمال الخاص الذي يقتضيه وهو: العزة في العزيز؛ والحُكمُ والحكمة في الحكيم.

والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظُلما وجورا وسوء فعل كما قد يكون من أعزّاء المخلوقين. فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم فيظلم ويجور ويسيءُ التَّصرف.

وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعزِّ الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته، فإنهما يعتريهما الذُّلُّ٣.

قال ابن القيم رحمه الله: "وهناك صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو: الغني الحميد، العفو


١ الآية ١٥٦ من سورة الأعراف
٢ الآية ٧ من سورة غافر.
٣ القواعد المثلى ص ٧- ٨.

<<  <   >  >>