للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ حافظ حكمي: (اعلم أنه قد ورد في القرآن أفعال أطلقها الله عز وجل على نفسه على سبيل الجزاء والعدل والمقابلة، وهي فيما سيقت فيه مدح وكمال، لكن لا يجوز أن يشتق له تعالى منها أسماء ولا تطلق عليه في غير ما سيقت فيه من الآيات، كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُم} ١ وقول: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} ٢ وقوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} ٣ وقوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِم} ٤ ونحو ذلك، فلا يجوز أن يطلق على الله تعالى مخادع، ماكر، ناس، مستهزئ، ونحو ذلك مما تعالى الله عنه، ولا يقال: الله يستهزىء ويخاع ويمكر وينسى على سبيل الإطلاق، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) ٥.

وقال ابن القيم رحمه الله: (إن الله تعالى لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع والاستهزاء مطلقا، ولا ذلك داخل في أسمأنه الحسنى، ومن ظن من الجهال المصنفين في شرح الأسماء الحسنى أن من أسمأنه تعالى الماكر، المخادع، المستهزىء، الكائد- فقد فاه بأمر عظيم تقشعر منه الجلود، وتكاد الأسماع تضئم عند سماعه، وغز قذا الجاهل أنه سبحانه وتعالى أطلق على نفسه هذه الأفعال، فاشتق له منها أسماء، وأسماؤه تعالى كالها حسنى فأدخلها في الأسماء الحسنى وقرنها بالرحيم، الودود، الحكيم، الكريم، وهذا جهل عظيم، فإن هذه الأفعال ليست ممدوحة مطلقا، بل تمدح في موضع وتذم في


١ الآية ١٤٢ من سورة النساء.
٢ الآية ٣٠ من سورة الأنفال.
٣ الآية ٦٧ من سورة التوبة.
٤ الآيتان ١٤- ١٥ من سورة البقرة
٥ معارج القبول (١/ ٧٦) .

<<  <   >  >>