المصتفين في شرح الأسماء الحسنى أن من أسمائه الماكر، والمخادع، والمستهزىء فقد فاه بأمير عظيم تقشعرّ منه الجلود وتكاد الأسماع تُصمّ عند سماعه، وغرّ هذا الجاهل أنه سبحانه وتعالى، أطلق على نفسه هذه الأفعال، فاشتق له منها أسماء، وأسماؤه كلّها حسنى، فأدخلها في الأسماء الحسنى وقرنها بالرحيم، الودود، الحكيم، الكريم، وهذا جهل عظيم، فإن هذه الأفعال ليست ممدوحة مطلقا، بل تمدح في مواضع وتُذمّ في مواضع، فلا يجوز إطلاق أفعالها على الله تعالى مطلقا فلايُقال: إنّه تعالى يمكُرُ ويُخَادع ويستهزىء ويُسمَّى بها، بل إذا كان لم يأت في أسمائه الحسنى المريد والمتكلِّم ولا الفاعل ولا الصانع لأن مسمّياتها تنقسم إلى ممدوع ومذموم، وإنّما يوصف با لأنواع المحمودة منها كالحليم والحكيم والعزيز والفعّال لما يريد، فكيف يكون منها الماكرُ والمخادعُ والمستهزىء.
ثم يلزم هذا الغالط أن يجعَل من أسمائه الحسنى الدّاعي، والآتي، والجائي، وا لذاهب، والرائد، وا لنّاسي، والقاسم، والساخط، والغضبان، واللاعن، إلى أضعاف ذلك من التي أطلق تعالى على نفسه أفعالها من القرآن، وهذا لا يقوله مسلم ولا عاقل"١.
وقال الشيخ حافظ حكمي- بعد أن نقل كلام ابن القيِّم السابق ذكره-: "ومن هنا يتبيّن لك خطأ ما عدّة بعضهم ومنهم ابن العربى المالكيّ في كتابه أحكام القرآن حيث سمّاه بالفاعل والزّارع، فإن الفاعل والزّارع إذا أُطلقا بدون متعلِّق ولا سياق يدلّ على وصف الكمال فيهما فلا يفيدان مدحا، أمّا في سياقها من الآيات التي ذُكِرت فيها فهي صفات كمالٍ ومدحٍ وتوحُّدٍكما قال تعالى: {كَمَا