كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين وتحريف الغالين، وشرح للناس حقيقة الدين في زمن فترة استحكمت فيه غربة الإسلام، وغلب على أهله الجهل والبدع، فقد انتشرت العقائد الكلامية والطرق الصوفية، فقد كانت الدولة العثمانية (٧٠٠-١٣٠٠هـ) دولة ماتريدية العقيدة سعت في نشر تلك العقيدة الكلامية في شرق الأرض وغربها مستغلة في ذلك مالها من نفوذ وسلطة وأضف إلى ذلك انتشار العقيدة الأشعرية وهي شقيقة الماتريدية وتتفق معها في مجمل المسائل الاعتقادية، حتى لكأنهما فرقة واحدة ومن المعلوم أن كلا من الأشعرية والماتريدية هما مراتع خصبة للطرق الصوفية المنحرفة التي بسببها انتشرت الخرافة وعمت البدع وطمت.
وقد وصف أحد الكتاب الغربيين تلك الفترة -أي القرن الثامن عشر الميلادي- فقال: (كان العالم الإسلامي قد بلغ من التضعضع أعظم مبلغ، ومن التدني والانحطاط أعمق دركة، فاربد جوه، وطبقت الظلمة كل صقع من أصقاعه ورجاً من أرجائه، وانتشر فيه فساد الأخلاق والآداب.... إلى أن قال:
وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء، فألبست الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة الناس، سجفاً من الخرافات، وقشور الصوفية، وخلت المساجد من أرباب الصلوات، وكثر عديد الأدعياء الجهلاء، وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان، ويحملون في أعناقهم التمائم والتعاويذ والسبحات، ويوهمون الناس بالباطل والشبهات، ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء، ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور.
وغابت عن الناس فضائل القرآن، فصار يشرب الخمر والأفيون في كل