للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام. فقد كان كلام الجهمية يدور أيضاً على هذين الأصلين فهم يظهرون للناس والعامة أن الله بذاته موجود في كل مكان، أو يعتقدون ذلك.

وعند التحقيق يصفونه بالسلب الذي يستوجب عدمه كقولهم: ليس بداخل العالم ولا خارجه، ولا مباين له ومحايث، ولا متصل به ولا منفصل عنه، وأشباه هذه السلوب.

فكلام أول الجهمية وآخرهم يدور على هذين الأصلين:

١- إما النفي والتعطيل الذي يقتضي عدمه.

٢- وإما الإثبات الذي يقتضي أنه هو المخلوقات. أو جزء منها أو صفة لها.

وكثير منهم يجمع بين هذا النفي وهذا الإثبات المتناقضين، وإذا حوقق في ذلك قال: ذاك السلب مقتضى نظري. وهذا الإثبات مقتضى شهودي وذوقي. ومعلوم أن العقل والذوق إذا تناقضا لزم بطلانهما أو بطلان أحدهما.١

وهذا حال الجهمية دائماً يترددون بين هذا النفي العام المطلق، وهذا الإثبات العام المطلق، وهم في كليهما حائرون ضالون لا يعرفون الرب الذي أمروا بعبادته.٢

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والجهمية نفاة الصفات تارة يقولون بما يستلزم الحلول والاتحاد، أو يصرحون بذلك. وتارة بما يستلزم الجحود والتعطيل، فنفاتهم لا يعبدون شيئاً، ومثبتتهم يعبدون كل شيء.)


١- بغية المرتاد ص٤١٠،٤١١.
٢- نقض تأسيس الجهمية ٢/٤٦٧.
٣- مجموع الفتاوى ٦/٣٩.

<<  <   >  >>