للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توحيد المؤمنين، وقد كانت الأمة منه في عافية، وقويت شوكة الرافضة والمعتزلة، وحمل المأمون المسلمين على القول بخلق القرآن، ودعاهم إليه فامتحن العلماء فلا حول ولا قوة إلا بالله. إن من البلاء أن تعرف ما كنت تنكر وتنكر ما كنت تعرف، وتُقَدَّم عقول الفلاسفة، ويُعْزَلَ منقول أتباع الرسل، ويُمارى في القرآن، ويتبرم بالسنن والآثار، وتقع في الحيرة. فالفرار قبل حلول الدمار، وإياك ومضلات الأهواء ومجاراة العقول، ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم)

فالمأمون أول من أعلن بدعة القول بخلق القرآن من السلاطين ودعا إليها بقوة السلطان، (وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشرة ومائتين فأنكر الناس ذلك واضطربوا ولم ينل مقصوده ففتر إلى وقت) ٢ (ولكنه لم يرجع عن قوله وصمم على امتحان العلماء في سنة ثمان عشرة وشدد عليهم فأخذه الله.)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ما أظن أن الله يغفل عن المأمون، ولابد أن يقابله على ما اعتمده مع هذه الأمة من إدخال هذه العلوم الفلسفية بين أهلها)

قال السيوطي: (أول من أدخل المنطق والفلسفة وسائر علوم اليونان في ملة الإسلام وأحضرها من جزيرة قبرص المأمون.)

وفي هذه المرحلة قويت شوكت التعطيل واتسعت دائرته ونشط دعاته وكثرت


١- تذكرة الحفاظ ١/٣٢٨.
٢- سير أعلام النبلاء ١٠/٢٨١.
٣- سير أعلام النبلاء ١٠/٢٨٣، فوات الوفيات ٢/٢٣٨.
٤- لوامع الأنوار البهية ١/٩.
٥- الوسائل إلى مسامرة الأوائل ص١١٨.

<<  <   >  >>