للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عبد الله بن المبارك: كان أبو حنيفة آية. فقال له قائل: في الشر يا أبا عبد الرحمن أو في الخير؟ فقال: اسكت يا هذا فإنه يقال غاية في الشر، آية في الخير، ثم تلى هذه الآية: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} ١.

وقال عبد الله بن المبارك: رأيت أعبد الناس، ورأيت أورع الناس، ورأيت أعلم الناس، ورأيت أفقه الناس، فأما أعبد الناس فعبد العزيز بن أبي روّاد٢، وأما أورع الناس فالفضيل بن عياض٣، وأما أعلم الناس فسفيان الثوري، وأما أفقه الناس فأبو حنيفة - ثم قال - ما رأيت في الفقه مثله٤.

قال عبد الله بن المبارك رحمه الله:

وجدت أبا حنيفة كل يوم ... يزيد نبالة ويزيد خيرا

وينطق بالصواب ويصطفيه ... إذا ما قال أهل الجور جورا

يقايس من يقايسه بلب ... فمن ذا تعلمون له نظيرا

كفانا موت حماد وكانت ... مصيبته لنا أمرا كبيرا

فرد شماتة الأعداء عنا ... وأفشى بعده علما كثيرا


١ الخطيب في تاريخ بغداد ١٣/٣٣٦، وابن حجر الهيثمي في الخيرات الحسان ص٧٥.
٢ عبد العزيز بن أبي روَّاد، صدوق، عابد، ربما وهم، مات سنة ١٥٩هـ. (ر: التقريب ١/٥٠٩، والتهذيب ٦/٣٠٢ لابن حجر) .
٣ فضيل بن عياض، شيخ الحرم المكي من العباد المشهورين، أخذ عنه الإمام الشافعي وغيره، ولد بسمرقند ثم استقر بمكة وتوفي بها عام ١٨٧هـ (ر: التذكرة ٢٤٥، الطبقات ٥/٥٠٠) .
٤ ذكره الخطيب في تاريخ بغداد ١٣/٣٤٢،٣٤٣، والموفق في مناقب أبي حنيفة ١/٢٨٢، والمزي في تهذيب الكمال ٢٩/٤٣٠.

<<  <   >  >>