للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لبني شيبان، أخذ عن أبي حنيفة وعن أبي يوسف، وكتب الحديث وكان فقيهاً عالما شهما نبيلا.

وقال الشافعي: سمعت من محمد بن الحسن وقر بعير، وما رأيت رجلا سمينا أفهم منه، وكان إذا تكلم خيل أن القرآن نزل بلغته١.

قال أبو عمر: أصله من الشام وولد بالجزيرة، وولاه الرشيد قضاء الرقة فأقام بها مدة ثم عزله، ثم أخرجه مع نفس إلى الري وولاه قضاءها، فمات بها هو والكسائي النحوي علي بن حمزة في يوم واحد، فرثاهما اليزيدي بشعر حسن فقال:

تصرمت الدنيا فليس خلود ... وما قد ترى من بهجة سيبيد

لكل امرءٍ كأس من الموت منهل ... وما إن لنا إلا عليه ورود

ألم تر شيبا شاملا ينذر البلى ... وإن الشباب الغض ليس يعود

سيكفيك ما أفنى القرون التي مضت ... فكن مستعدا فالفناء عتيد

أَسيتُ على قاضي القضاة محمد ... فأذريت دمعي والفؤاد عميد

وقلت إذا ما الخطب أشكل من لنا ... بإيضاحه يوما وأنت فقيد

وأوجعني موت الكسائي بعده ... وكادت بي الأرض الفضاء تميد

وأذهلني عن كل لهو ولذة ... وأرق عيني والعيون هجود

هما عالمانا أوديا وتخرما ... وما لهما في العالمين نديد

فدمعي متى يخطر على القلب خطرة ... لذكراهما حتى الممات جديد٢


١ الصيمري في أخبار أبي حنيفة ص١٢٣،١٢٤.
٢ ذكر القصة مطولة والأبيات الصيمري في أخبار أبي حنيفة ص١٢٦-١٢٩ مع بعض الاختلافات اللفظية ودون ذكر البيت الآتي:
وأذهلني عن كل لهو...

<<  <   >  >>