وفي مسند البزار من حديث حذيفة _رضي الله عنه_ مرفوعا:"ما أحسن القصد في الفقر, وما أحسن القصد في الغنى, وما أحسن القصد في العبادة"(١) .
وكان لمطرف بن عبد الله بن الشخير ابن قد اجتهد في العبادة فقال له أبوه: خير الأمور أوسطها: الحسنة بين السيئتين, وشر السير الحقحقة. قال أبو عبيد: يعني: أن الغلو في العبادة سيئة, والتقصير سيئة, والاقتصاد بينهما حسنة. قال: والحقحقة: أن يلح في السير, حتى تقوم عليه راحلته وتعطب, فيبقى منقطعا به سفره". انتهى.
ويشهد لهذا المعنى الحديث عن عبد الله بن عمر مرفوعا: " إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق, ولا تبغّض إلى نفسك عبادة الله, فإن المنبتّ لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى, فاعمل عمل امرئ يظن أنه لن يموت إلا هرما, واحذر حذر امرئ يحذر أن يموت غدا " أخرجه حميد بن زنجوية وغيره إلى آخر كلامه _رحمه الله تعالى_.
فمن تحقق هذا, وتأمله حق التأمل, ثم رأى بعد ذلك أن طريقة أهل البدع والأهواء من الخوارج والمعتزلة وغيرهم ممن تشدد في هذا الدين, وغلا فيه, وتكلف باجتهاده ورأيه, وسلك طريقة التعسير والتضييق والعنت والحرج, وظن أنها أهدى وأفضل من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وأنها أحسن وأكمل, فقد قام به ناقض من نواقض الإسلام العشرة التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب _رحمه الله تعالى_ وليبك