الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فقد وصل إلي كتابك المشتمل على بعض المسائل التي قد أوضحناها لك في "إرشاد الطالب إلى أهم المطالب" وذلك في شأن التكفير, وبينا لك فيه: أن المبادرة بالتكفير والتفسيق والهجر من غير اطلاع على كلام العلماء لا يتجاسر عليه إلا أهل البدع الذين مرقوا من الإسلام, ولم يحققوا تفاصيل ما في هذه المسائل المهمة العظام, مما قرروه وبينوه من الأحكام, وذكرنا فيه قول شيخ الإسلام ابن تيمية_ قدس الله روحه_:"إن من عيوب أهل البدع: تكفير بعضهم بعضا, ومن ممادح أهل العلم: أنهم يخطئون ولا يكفرون", وقول الشافعي_ رحمه الله تعالى_:"لأن أتكلم في علم يقال لي فيه: أخطأت, أحب إلي من أن أتكلم في علم يقال لي فيه: كفرت".
إذا فهمت ذلك وتحققته فاعلم أن الكفر الذي يخرج من الإسلام ويصير به الإنسان كافرا هو: أن يكفر بما علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء به من عند الله جحودا وعنادا, من أسماء الرب وصفاته, وأفعاله وأحكامه, التي أصلها توحيده وحده لا شريك له, وهذا مضاد للإيمان من كل وجه؛ وقد