الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
أما بعد: فاعلم يا أخي إنّا لمّا فرغنا من تسويد جواب المسائل التي أوردتها أولا, وطالبت الجواب عنها, وقد عنّ لي أولا أن أترك الجواب عنها لوضوحها في كلام العلماء, ثم ترجح عندي آخرا إسعافك بالجواب لمّا رأيت اعتراض هؤلاء المتعالمين الجهال الذين شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله, وتعمقوا, وتكلفوا ما لا علم لهم به بمجرد آرائهم وأفهامهم القاصرة, واستحساناتهم ما لم يكن حسنا في الدين, وتحليل ما حرمه الله, وتحريم ما أحله الله بغير ما شرع الله ورسوله.
فإذا علمت ذلك فلا بد من ذكر قاعدة تنبني عليها أحكام الشريعة, وينبني عليها الجواب عن هذه المسائل الآتي ذكرها.
وهذه القاعدة قد ذكرها علماء أهل الإسلام الذين هم الأسوة وبهم القدوة وهي قولهم: إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. وارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما, وترك إحدى المصلحتين لتحصيل أولاهما.
وقد قال الإمام الحافظ محمد بن عبد الهادي في "الصارم المنكي" بعد أن ذكر كلاما طويلا, قال: "فههنا أمران يمنعان كون الفعل قربة: استلزامه لأمر مبغوض مكروه,