للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد داهنتم في الدين. وهم يزعمون أنهم ما فعلوا ذلك إلا من أجل أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, تشابهت قلوبهم.

وأما قولهم: الإخوان علمونا ملة إبراهيم وبينوها, والمشايخ كتموها ودفنوها.

فنقول: أما قولهم: إن الإخوان علمونا ملة إبراهيم, فإن كان حقا فسيجازيهم الله على ذلك, والله عند لسان كل قائل وقلبه, وهو المطلع على نيته وكسبه, لكنهم مع ذلك قد سلكوا بهم مسالك أهل البدع, وتجاوزوا بهم الحد في الأقوال والأفعال, وشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله, كما قد ذكرنا منه نزرا قليلا مما هو معلوم مشهور عنهم, فإن كان هذا هو ملة إبراهيم فقد أعظموا الفرية على الله, وعلى ملة إبراهيم, وكان الحق والواجب الذي أوجبه الله على المشايخ وعلى غيرهم أن يدفنوا هذه المفتريات والأحداث الكاذبة الخاطئة.

وإن كانوا أرادوا أن المشايخ لا يأمرون بعبادة الله وحده لا شريك له, ولا ينهون عن الشرك, ولا يكفرون من كفر الله ورسوله, أو لا يكفرون من شك في كفرهم, ولا يحبون في الله, ولا يعادون في الله, ولا يبغضون في الله, ولا يوالون فيه, ولا يأمرون بالمعروف, ولا ينهون عن المنكر, وأنهم دفنوا هذا كله, فمن زعم أن هذه طريقة المشايخ وسيرتهم, فقد بهتهم وافترى عليهم, ومن افترى عليهم هذا الكذب, فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا, وفضحه على رؤوس الأشهاد {يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} (غافر:٥٢) .

<<  <   >  >>