الموضع نفسه، كما فعل الزمخشري في"فائقه"، أو يُوَزِّع نصّ الحديث إلى مقطعات عديدة، فيذكر كل لفظ غريب وَفْقَ ترتيبه الهجائي الأول؟ وهو الذي اختاره ابن الأثير.
إنَّ اختيار ابن الأثير لهذا المنهج الدقيق يجعله يتجاوز مظاهر العسر التي تكتنف الطرق الأخرى، فطريقة المسانيد يصعب معها الاهتداء إلى الموضع المطلوب، ولا سيما إن جهل المراجِعُ اسم صاحب المسند، ولو عرفه لتعب في الوصول إليه، من خلال عشرات الأحاديث، التي يرويها ذلك الصحابي، وإن كان لدينا فهارس حديثة كاشفة، احتاج المراجِعُ إلى الوقوف على أحاديث كل مادة ليصل إلى مبتغاه من حديث معيّن، وفي ذلك هَدْرٌ كبير للوقت والجهد.
أمَّا طريقة التقاليب والمخارج فقد ثبت من خلال تجربة الخليل في كتاب"العين"والحربي في"غريبه" أنها وَعْرَة لا تتكشَّف المادة معها إلا بعدلأيٍ ونَصَب. وأمَّا طريقة الزمخشري في "فائقه" فتتميز بسهولتها لأنها تعتمد الحروف الهجائية، بيدَ أنَّ المُراجِع قد يجهل أول الحديث، فلا يَتَبَيَّن له موضع الغريب الأول الذي شرع فيه الزمخشريُّ ليجعلَه منطلقه، فينثر ما فيه من غريب؛ وذلك لأنَّ مادة الغريب في الحديث الواحد متعددة.
إنَّ الطريقة التي تَوَخَّاها ابنُ الأثير في معجمه "النهاية" تجعل من يقف على عتبته يصل إلى مبتغاه على نحوٍ ميسور، فلا يلزمه إلا أن يُجَرِّد اللفظة الغريبة من زوائدها، أو يردَّ لها الحرف المحذوف الأصلي، ثم يمضي في الوصول إلى الحرف الأول منها فالثاني، فالثالث، وَفْقَ ترتيب الحروف الهجائية المعهود: أ، ب، ت، ث. وقد رافق هذا الاختيار معالم كثيرة لتيسير تناوُل معجمه، كما