للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث عثمان (١) : "وأنا أشرب ماء المِلْح". يقول: "ماء مِلْح إذا كان شديد الملوحة، ولا يقال: مالح، إلا على لغةٍ ليست بعالية".

وكان صاحب"النهاية"- وهو الخبير بمفردات اللغة واشتقاقاتها وأوزانها- يتذوَّق الكلمة، ويلمح ما تحمله من سعة في دلالاتها، وامتداد في تأثيرها، فيحكم على هذا الوزن - أو هذه اللفظة - بأنه أبلغُ من قَسيمه.

يقول في أسماء الله تعالى الرحمن الرحيم (٢) : "وهما من أبنية المبالغة، ورحمن أبلغ من رحيم، والرحمن خاصٌّ لله لايُسَمَّى به غيره، ولا يُوصف، والرحيم يوصف به غيرُ الله تعالى، فيُقال: رجل رحيم، ولا يُقال: رحمن".

وقد يلحظ صاحب"النهاية"أنَّ اللفظ الغريب الذي يتحدث عنه ينتمي إلى أسرة لغوية عُرِفَتْ في مصنفات اللغويين بالأضداد، فيشير إليها، ويحيط بدلالتها، ومن ذلك حديث (٣) : "كان يبدو إلى هذه التِّلاع"، فيقول: "التِّلاع: مسايل الماء من عُلْوٍ إلى سُفْل، واحدها تَلْعَة. وقيل: هو من الأضداد يقع على ما انحدر من الماء وأشرف منها".

وفي حديث ابن مسعود (٤) : "كنَّا عند النبي - صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فَأَكْرَيْنَا في الحديث". أي: أَطَلْنَاه، يقول: "وأكرى من الأضداد، يقال: إذا طال وقَصُرَ، وزادَ ونقص".


(١) النهاية: ٤ / ٣٥٥.
(٢) النهاية: ٢ / ٢١٠.
(٣) النهاية: ١ / ١٩٤.
(٤) النهاية: ٤ / ١٧٠.

<<  <   >  >>