للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واستدل أصحاب القول الثاني، القائلون بعدم استحبابه، بما يلي:

١- إن رسول الله (إنما فعله وأمر به في عمرة القضية، حين قالت قريش: أما ترون إلى أصحاب محمد قد وعكتهم حمى يثرب. فقال لأصحابه: ((ارملوا)) . كفعل أهل النشاط والْجَلَد، ليغيظ قريشاً. قال مالك: وهذا السبب قد زال، فيجب أن يزول حكمه (١) .

٢- وبما يُشبه الإجماع على عدم مشروعيته. فقال مالك: ((لم أسمع أحداً من أهل العلم ببلدنا يذكر أن الاضطباع سنة)) (٢) .

* الرأي المختار:

لا ريب أن ما ذهب إليه جمهور العلماء في هذه المسألة، وهو أن الاضطباع سنة باقية، ومن مستحبات الطواف، وهو الرأي المختار، لما يلي:

١. إن الأدلة على أن النبي (كان يضطبع في عُمَرِه، بل وفي حجته أيضاً (٣) ، نصوص صريحة صحيحة. وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٤) , وقال (في حجته: ((لتأخذوا عني مناسككم)) (٥) .


(١) انظر: الحاوي ٤/١٤٠.
(٢) انظر: المغني ٥/٢١٦، البيان والتحصيل ٣/٤٤٩.
(٣) قال ابن كثير في البداية والنهاية ٥/١٥٧: (فأما الاضطباع في حجة الوداع، فقد قال قبيصة، والفريابي عن خثيم، عن أبي الطفيل، عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة، عن ابن يعلى بن أمية، عن أبيه قال:» رأيت رسول الله (يطوف بالبيت مضطبعاً «رواه الترمذي من حديث الثوري. وقال: حسن صحيح..) .
(٤) سورة الأحزاب، آية: ٢١.
(٥) بهذا اللفظ أورده الفقهاء. وهو جزء من حديث أخرجه مسلم في الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة ٩/٤٤. ولفظه:» .. رأيت النبي (يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: " لتأخذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه".. «الحديث.

<<  <   >  >>