للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١. ثبت أن الصحابة (اضطبعوا بعد وفاة النبي (، كما دلّ على ذلك أثر عمر (.

٢. إن قول ابن عباس (أكثر ما فيه أن سبب الاضطباع والرمل ما ذكره، ولكنهما صارا سنة بذلك السبب، فيبقى بعد زواله، كرمي الجمار سببه رمي الخليل عليه السلام الشيطان، ثم بقي بعد زوال ذلك السبب (١) .

٣. ينتقض قول الإمام مالك بعدم مشروعية الاضطباع لزوال سببه، بالرمل، فإنه يقول ببقاء مشروعيته مع زوال سببه (٢) .

٤. إن بقاء السبب ليس بشرط لبقاء الحكم، كالبيع والنكاح وغيرهما (٣) .

٥. إن القول بزوال السبب ممنوع، لأن الحكم يجوز أن يثبت بعلل متعددة. فذهاب بعضها لا يستلزم زوال الحكم، وكون النبي (اضطبع في حجة الوداع بعد ذهاب غلبة المشركين، دليل على بقاء علة أخرى للحكم، كتذكر نعمة الأمن بعد الخوف، ليُشكر الله عليها (٤) .


(١) المبسوط ٤/١٠. وعبّر الكاساني عن ذلك بقوله: (إن النبي (لما رمل بعد زوال ذلك السبب، صار الرمل سنة مبتدأة، فنتبع النبي (في ذلك، وإن كان لا نعقل معناه. وإلى هذا أشار عمر (حين رمل في الطواف) . بدائع الصنائع ٢/١٤٧. وقال الماوردي في الحاوي ٤/١٤٠: (قال الشافعي: رمل مضطبعاً، فقد أخبر بسنته، ثم فعل مثل فعله مع زوال سببه. وأكثر مناسك الحج، كانت لأسباب زالت، وهي باقية) .
(٢) انظر: المجموع ٨/٢١.
(٣) انظر: بدائع الصنائع ٢/١٤٧.
(٤) انظر: منسك ملا القاري ص ١٠٨. وقد عبّر عن ذلك ابن نجيم في البحر الرائق ٢/٣٥٤ بقوله: (واعلم أن الأصل زوال الحكم، ثم زوال العلة، لأن الحكم ملزوم لوجود العلة، ووجود الملزوم بدون اللازم محال. وقول من قال: إن علة الرمل في الطواف زالت، وبقي الحكم. ممنوع، فإن النبي (رمل في حجة الوداع تذكيراً لنعمة الأمن بعد الخوف، ليشكر عليها، فقد أمر الله بذكر نعمه في مواضع من كتابه، وما أمرنا بذكرها إلا لنشكرها.
ويجوز أن يثبت الحكم بعلل متبادلة، فحين غلبة المشركين كانت علة الرمل، إيهام المشركين قوة المؤمنين. وعند زوال ذلك تكون علته تذكير نعمة الأمن. كما أن علة الرِّق في الأصل استنكاف الكافر عن عبادة ربّه، ثم صار علته حكم الشرع برقه، وإن أسلم. وكالخراج فإنه يثبت في الابتداء، ولهذا لا يُبدأ به على المسلم، ثم صار علته حكم الشرع بذلك حتى لو اشترى المسلم أرض خراج، لزمه عليه الخراج) .

<<  <   >  >>