إن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يرمل في عُمَرِه وحجته إلا مرة واحدة، فدلّ ذلك على أن الاضطباع والرمل إنما يُشرعان مرة واحدة في النسك من حج أو عمرة.
لم يثبت أن الصحابة رضي الله عنه رملوا في طواف الإفاضة حين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سعوا عقبه، لأنهم كانوا متمتعين. فدلّ ذلك على أن الاضطباع والرمل، وإن شُرِعا في كل طواف يعقبه سعي، إلا أنهما لا يُشرعان إلا مرة واحدة في الحج.
الرأي المختار:
يظهر أن الرأي الأول هو أقوى هذين الرأيين، إلا أنه سبق اختيار أن الاضطباع والرمل إنما يُشرعان في طواف القدوم. والله أعلم.
الفرع الثالث: الاضطباع والرمل من غير إحرام.
إذا لم يطف الحاج للقدوم قبل الوقوف بعرفة، أو لم يضطبع في طواف القدوم لكونه لم يسع بعده، ودخل مكة لطواف الإفاضة بعد التحلل الأصغر، وقد خلع ملابس الإحرام. فهل يُشرع له الاضطباع والرمل في هذه الحال، أم لا؟
لم تنصّ أكثر المصادر التي وقفتُ عليها على هذه المسألة، ويمكن القول بأن العلماء اختلفوا في ذلك على قولين:
القول الأول: لا يُشرع الاضطباع والرمل في غير ملابس الإحرام.
القول الثاني: يُشرع الاضطباع والرمل وإن لم يكن الطائف لابساً ملابس الإحرام.