الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونصلي ونسلم على عبده ورسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستنّ بسنته إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإن الصلاة ركن من أركان الدين وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين وهي عمود الدين، ولا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وهي أساس صلاح الأعمال وقبولها، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن رُدّت رُدَّ سائر عمله، وفعلها في الجماعة من سنن الهدى، وما زال النبي صلى الله عليه وسلم يصليها في الجماعة حتى توفاه الله، وما زال أصحابه من بعده والتابعون لهم بإحسان يحافظون على فعلها في الجماعة حتى كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين من شدة المرض حتى يوقف في الصف كما صح بذلك الأثر عن ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (١) -، إنّ أمراً كهذا جدير بالعناية والاهتمام، وإنفاق الأوقات في تعلم أحكامه وتعليمها.
إن تعلم أحكام الصلاة فرض عين على كل مسلم ذكر أو أنثى، ولا يسع أحد من المسلمين الجهل بأحكام هذا الركن، كما أنّ الجماعة تتعلق بها أحكام، ولها فضل عظيم، وقد وقع الخلاف بين الفقهاء - رَحِمَهُمُ اللهُ - فيما تدرك به صلاة الجماعة هل تدرك بركعة أو بما دونها؟ وإذا كانت لا تدرك إلاَّ بركعة فبم تدرك الركعة؟ كما وقع الخلاف بينهم فيما تدرك به الجمعة.
هذا كله هو ما دعاني إلى البحث في هذا الموضوع، فقد رأيت أن هذا مِمَّا لا يستغني عنه مسلم، فعقدت العزم على الكتابة في موضوع (إدراك
(١) رواه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، حديث [٦٥٤] ١/٤٥٣.