للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به، بل جعلهم هم السابقين لجميع الأمم، ويوم كان المسلمون مسلمين حقيقة لا ادعاء، مسلمين بالأقوال والأعمال والعقيدة والتفكير، - والتاريخ وأحداثه شاهد على ذلك - ولما انحرفوا عن الطريق التي خطها لهم دينهم الإسلام ومالوا إلى طرق شتى، حل بهم ما أخرهم وجعلهم أضحوكة بين أهل زمانهم، حتى صاروا يصدقون كل محتال دجال خداع يعيب دينهم الطاهر فلا يغارون عليه، ويؤمنون بما يقوله أعداؤهم في دينهم، فكانت أفعالهم القبيحة أفعى لهم.

فهؤلاء الذين أطلقوا على أنفسهم لقب التقدميين هم في الواقع على العكس من هذا اللقب الذي لقبوا به حضراتهم المحترمة، ذلك لأنهم يعملون الآن للرجوع إلى عهد الإنسان الأول البدائي، الذي كان يحيى حياة البهائم التي لا تعقل، لا دين يهذبه، ولا حدود تردعه، ولا خوف من ربه يزجره، يأكل ما وجد أمامه، لا يعرف حدود غيره فيحترمها ويبتعد عنها، يمشي عاريا أو شبه عار، لا يعرف خالقا ولا حراما ولا حلالا، لا علاقة له بغيره إلا علاقة المادة والملذات، ينام في المغاور والكهوف وعلى رؤوس الأشجار، فالتقدميون - على زعمهم - يعملون من أجل الرجوع إلى العهد البدائي القديم، عهد الجهالة الأولى (لا إله ولا دين والحياة مادة).

إذن فمن هو التقدمي ومن هو الرجعي؟؟، إن التقدمين - إدعاء - هم الرجعيون حقيقة ونحن - المسلمين - التقدميون حقيقة وواقعا، وهذا ما أقوله وأصرح به في كل المناسبات، فالمسلمون بالحجة هم التقدميون، والملاحدة - بالدليل - هم الرجعيون، فالقضية قضية أدلة وبراهين، لا قضية كلام فارغ ودعوى باطلة، وتهم ساذجة.

ومثل كلمة - الرجعية - كلمة - الإقطاع - التي أكثروا من تكرارها وإذاعتها حتى ملتها الآذان تكرر في كل مناسبة للدعاية، وحتى في غير مناسبة، نقول لهم أين هو الإقطاع الآن ... ؟؟؟ فلنبحث عنه فهو غير موجود بالمعنى الذي كان متعارفا به في الماضي، والإقطاع القديم كان بإقطاع الملك أو الأمير قطعة من الأرض إلى من خدم الدولة بإخلاص، تعطى له على سبيل التمليك يستغلها ويعيش منها لنفسه خاصة، أما الآن فقد صار

<<  <   >  >>