للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إقطاعا من نوع آخر إقطاعا عصريا تقدميا، وهو إقطاع أو إعطاء الصديق المؤمن بالمبادئ وظيفة عالية، أو إدارة مؤسسة وطنية كبيرة يتولاها ليستغلها كما شاء، من غير أن يحاسبه محاسب، أو يراقبه مراقب - وإلا غضب - هذا هو إقطاع هذا الوقت (العصري) فهل فهمتم معنى الإقطاع العصري التقدمي أيها الإقطاعيون ... ؟؟؟

نعود إلى الموضوع المعنون له بـ - الاشتراكية وتحديد النسل - فنلقي نظرة على حياة العرب قبل الإسلام، فقد كانت حياتهم حياة جاهلية، وكان الرجل منهم يخشى ضيق العيش - لجهله - وقلة الرزق، كما كانت نظرتهم إلى المرأة نظرة خاطئة، فهي عندهم عضو أشل عاطل في جسد الأسرة والمجتمع، كما هي عندهم أيضا عبء ثقيل يحمله عائل الأسرة، لهذا زينت لهم نفوسهم الجاهلية التخلص منها بوأدها - دفنها - حية في التراب، وهي طفلة صغيرة، حتى لا تضايق الأسرة في رزقها، كما كانوا يخشون العار الذي قد ينجر للأسرة أو القبيلة بسبب سوء سلوكها وخروجها عن تقاليد الأسرة والوسط، لهذا ولغيره من الأسباب والاعتبارات السائدة في ذلك الزمان الجاهلي كانوا يدفنونها وهي حية ضعيفة، وقد تستغيث، ولكن ما لها من مغيث، كما كانوا يقتلون أولادهم الذكور خوفا من الفقر والجوع.

ولما جاء الإسلام - رحمة الله - أبطل هذا الجرم الفظيع بشرعه الرحيم، وأبان للعرب الجاهليين قبيح صنعهم، وأظهر لهم خطأهم فيما ذهبوا إليه، مبينا لهم ولغيرهم أن الرزق والقوت بيد الله الخالق العليم الرحيم - مع السعي منهم بالوسائل المعروفة - لا بيدكم أنتم معاشر العباد، وقد أمر رسوله - المبلغ عنه - بأن يتلو على قومه ما حرمه عليهم ربهم، وهو ما منعهم من إتيانه وفعله، لما فيه من الفساد والضرر وسوء الأعمال فقال تبارك وتعالى:

{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ (١) نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} (٢) وقال: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا


(١) الإملاق - الفقر والاحتياج.
(٢) الآية ١٥١ من سورة الأنعام.

<<  <   >  >>