للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمورهم في سواها، كل ذلك صيرهم إلى ما نرى ونشاهد من تفكك وضعف، ونقص واحتياج، وقساوة على بعضهم واحتيال حتى بين الآباء والأبناء، لأن رابطة الدين والقرآن - وهي أمتن الروابط - ضعفت فيهم، فمدوا أبصارهم وأيديهم إلى خارج ما رسمه لهم دينهم، وراحوا يقلدون ويتبعون من لا يؤمن بربه، ولا يعترف بخالقه، لهذا حل بهم ما حل بمن سبقهم من الأمم الغابرة - سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا - تلكم الأمم التي كفرت بربها ونبذت شرائعه واتبعت الشياطين وآمنت بالطواغيت، فلم يكن لهم فيهم العبرة البالغة، والعظة الكاملة، وكيف يكون فيهم هذا وهم لا يرون نصح الناصحين وموعظة الواعظين علاجا لأمراضهم، وصلاحا لشؤونهم، فساء حالهم وانحطت أخلاقهم، وانفلتت الدنيا من أيديهم، والآخرة كذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فالناظر البصير بالأمور يدرك أن مما ينشره ويذيعه الملاحدة بين الشعوب المسلمة بشتى وسائل الشر، المقصود منه بالذات أولا وقبل كل اعتبار إنما هو التعطيل لنشر الإسلام بين الناس، بل وانتزاعه من منابته، والمسلمون غافلون عن المقصود من ذلك، بل إن منهم من يرى أن ذلك في خيرهم وصلاحهم، وما هو في الحقيقة إلا الشر والإلحاد ينشر ويذاع بينهم، وعلى حساب دينهم، وسيعلمون نبأه بعد حين.

نعود بعد هذه البسطة إلى عنوان هذا الفصل وهو "تحديد النسل" أو منعه وإبطاله، وتحديد النسل إذا تدبرنا مدلوله نجده خدعة أو لعبة أريد بها ومن ورائها إنقاص عدد المسلمين وإضعافهم ليسهل دوسهم أو ابتلاعهم في يوم - ما - فهو مكيدة مبيتة، ودسيسة مدبرة من طرف خصوم الإسلام، زينوها للجاهلين وحسنوها للغافلين، ذلك أن الدارس للشريعة الإسلامية وأحكامها المحكمة وأهدافها الواضحة البينة يدرك ما قلناه سابقا من أن المطلوب من المسلم مطلوب شريف، مطلوب منه أن يكون عنصر صلاح وفلاح بين أبناء البشرية التائهة، فقد ضلت عن الطريق السوي الرشيد الذي يجب عليها أن تسلكه لتنجو من المهالك والأخطار.

المطلوب من المسلم أن يعمل - ما استطاع - لإرجاع إخوانه في الإنسانية إلى الجادة المثلى، إلى الصراط المستقيم، صراط الله الذي رسمه في شرعه ليسلكه عباده المؤمنون المهتدون بهديه.

<<  <   >  >>