للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكثرة إنما تكون بالعدد الصالح المؤمن القوي، هذه الكثرة في العدد سيتباهى بها الرسول عليه الصلاة والسلام، فهو يفاخر الأنبياء والأمم ويفتخر عليهم بالكثرة المؤمنة الموحدة، لا بهذه القلة الزائغة الملحدة الضالة المضللة التي تشبه البهائم في البحث عن الأكل واللهو والملاذ والشهوات لا غير، هذه هي سنته، ومن رغب عنها ولم يعمل بها فليس من أتباعه كما قال:

((فمن رغب عن سنتي فليس مني)).

فبناء على هذا الترغيب النبوي يجب على المسلمين ألا يخالفوا رسولهم فيما رغبهم فيه وحثهم عليه، بل وأمرهم به، كما يجب أن يكونوا دعاة له، لا دعاة لمخالفته، قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١).

اللهم إن عبادك المسلمين فعلوا ما حذرتهم منه، وخالفوا أمر رسولك إليهم، وشتتتهم الأهواء والفتن، وأضعفتهم الشهوات، ونزل بهم العذاب الأليم، فقد صدق فيهم وعيدك وهم غافلون.

فتحديد النسل أو منعه قضية دينية قبل أن تكون اقتصادية، فالعمل بها مخالف للشريعة الإسلامية، ورد لرغبة محمد صلى الله عليه وسلم.

إن الأروبيين الذين حاولوا كم من مرة أن يوهنوا الإسلام أو يقضوا عليه بقوة السلاح وخابوا - كالحروب الصليبية - قد رجعوا إلى الأوطان الإسلامية بعنوان - التعمير أو الحماية - في غفلة وضعف من الشعوب الإسلامية، وبعد أن هبت نسمة الحرية أو التحرير كان العالم الإسلامي في طليعة المحاربين، والمتتبع لسير الأحداث العالمية يدرك أن الشعوب غير الإسلامية أخذت حريتها واستقلالها بدون حرب تذكر وقتال شديد، وهذه القارة الإفريقية السوداء مثال لما قلت ودليل عليه، أما الشعوب الإسلامية فإنها ما بلغت إلى حريتها واستقلالها إلا بعد أن دفعت الثمن فيه باهظا جدا جدا من خيرة أبنائها.

فأروبا هالها وأفزعها كثرة تزايد عدد المسلمين، يضاف إلى ذلك استقلال الشعوب الإسلامية، وما يتبع ذلك من قوة وغيرها، فأخذت تفكر في


(١) الآية ٦٣ من سورة النور.

<<  <   >  >>