ب) السلامة من التناقض: لأن التناقض ممجوج، ومن أمثلة ذلك ما ذكره بعض أهل التفسير من وصف فرعون لموسى عليه السلام بقوله:{سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}[االذاريات:٣٩]
وهو وصف قاله الكفار لكثير من الأنبياء بما فيهم كفار الجاهلية ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وهذان الوصفان السحر والجنون لا يجتمعان، لأن الشأن في الساحر العقل والفطنة والذكاء، أما المجنون فلا عقل معه ألبتة، وهذا منهم تهافت وتناقض بيّن.
ونعت كفار قريش لآيات محمد صلى الله عليه وسلم بأنها سحر مستمر، كما في قوله تعالى:{وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}[القمر:٢] وهو تناقض؛ فالسحر لا يكون مستمرًا، والمستمر لا يكون سحرًا.
ج) ألا يكون الدليل هو عين الدعوى، لأنه إذا كان كذلك لم يكن دليلاً، ولكنه إعادة للدعوى بألفاظ وصيغ أخرى. وعند بعض المُحاورين من البراعة في تزويق الألفاظ وزخرفتها ما يوهم بأنه يُورد دليلًا. وواقع الحال أنه إعادة للدعوى بلفظ مُغاير، وهذا تحايل لإطالة النقاش من غير فائدة.