قال ابن عباس: لما اعتزلت الحرورية وكانوا على حدتهم قلت لعلي يا أمير المؤمنين أخِّر الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم قال: إني أتخوفهم عليك قلت كلا إن شاء الله فلبست أحسن ما قدرت عليه من هذه اليمانية ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة.
فدخلت على قوم لم أر قوما أشد اجتهادا منهم أيديهم كأنها ثفن الابل ووجوهم معلنة من آثار السجود فدخلت فقالوا:
- مرحبا بك يا ابن عباس / لا تحدثوه.
- قال بعضهم لنحدثنه قال:
- قلت أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه.
- قالوا: ننقم عليه ثلاثا.
- قلت: ما هن؟ .
- قالوا: أولهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى إن الحكم إلا لله.
- قلت: وماذا قالوا قاتل ولم يَسْب ولم يغنم لئن كانوا كفارا لقد حلت أموالهم وإن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم.
- قال: قلت وماذا.
- قالوا: ومحى نفسه من أمير المؤمنين.
- قال: قلت أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم وحدثتكم من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ما لا تنكرون أترجعون.