للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا، وقد ختمت الرسالة بفائدة لم أَرَ فيها كبير فائدة، حيث أنها تتعلق بشرح بعض العلماء لهذا الحديث غير الصحيح، لكنني ـ أثناء ذلك ـ دعمتها ببعض الفوائد، وعقبت تعقيباً ينبئ عن وجهة نظري النهائية في الحديث سنداً ومتناً.

وهذا أوان الشروع في البيان التفصيلي لهذه الطرق وفقاً للترتيب الذي أجملتُه:

[١ـ حديث أنس:]

قال الإمام أبو عيسى الترمذي ـ رحمه الله ـ في «جامعه» (١)

(٢٨٨٧) : «حدثنا


(١) قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في «اختصار علوم الحديث» (ص ٣١) تحت عنوان: (إطلاق اسم «الصحيح» على الترمذي والنسائي) : «وكان الحاكم أبو عبد الله والخطيب البغدادي يسميان كتاب الترمذي: «الجامع الصحيح» وهذا تساهل منهما، فإن فيه أحاديث كثيرة منكرة ... » .
وقال الدكتور نور الدين عتر في كتابه: «الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين» (ص ٥٠ - ٥١) : «أما عنوان الكتاب نفسه واسمه الذي يطلق عليه، فقد وجدنا له عدة أسماء أطلقت عليه وهى:
١ ـ صحيح الترمذي وهو إطلاق الخطيب كما ذكر السيوطي.
٢ ـ الجامع الصحيح وهو إطلاق الحاكم.
ونحن نجد بعض حديثه صحيحاً وبعضه حسناً ومنه دون ذلك وهو ينص على هذه الدرجات صراحة، إذن ففي كل من هاتين التسميتين ضَرْبٌ من التَّجَوُّز.
٣ ـ الجامع الكبير، ذكره الكتاني في الرسالة المستطرفة وهو قليل الاستعمال.
٤ ـ السنن، وهو اسم مشهور للكتاب، ويكثر نسبته إلى مؤلفه فيقال سنن الترمذي تمييزاً له عن بقية السنن.
ووجه هذه التسمية اشتماله على أحاديث الأحكام مرتبة على ترتيب أبواب الفقه، وما كان كذلك يسمى سنناً، ولكن الكتاب فيه الأحكام وغيرها. ففي هذه التسمية تَجَوُّزٌ بتسمية الكل ببعض أجزائه.
٥ ـ الجامع: وهو أشهر وأكثر استعمالاً، واشتهر إطلاقه منسوباً إلى مؤلفه فيقال: «جامع الترمذي» ووجه تسميته بذلك: أن الجامع عند المحدثين ما كان مستوعباً لنماذج فنون الحديث الثمانية، وهي هذه: السير والآداب، والتفسير، والعقائد، والفتن، والأحكام، والأشراط، والمناقب، فسُمِّيَ الكتاب جامعاً لوجود هذه الأبواب فيه.
وهذا الاسم «الجامع» أو «جامع الترمذي» يدل على الكتاب بالمطابقة وذلك:
٦ ـ لاشتماله على هذه الفنون الثمانية.

٧ ـ لأنه مطلق عن قيد الصحة، فيطابق حال الكتاب وواقعه، فهو إذن أولى الأسماء بالإطلاق على كتاب الإمام الترمذي فاستحسن أن يسمى الكتاب ويطبع بعنوان «الجامع» فأما من طبع الكتاب بعنوان الصحة مثل «صحيح الترمذي» أو «الجامع الصحيح» فهذا عمل قد أخطأ صاحبه التوفيق، لما ذكرنا فيه من التساهل، ولأنا نخشى أن يقع في اللبس بسببه من لا دراية عنده، فيظن كل أحاديث الكتاب صحيحة، وهو خلاف الواقع» أهـ.
قلت: والكتاب المذكور نفيس، فهو حري بالدراسة والاهتمام لما فيه من إزاحة كثير من الإشكالات المتعلقة باصطلاحات الترمذي وما يتعلق بكتابه.

<<  <   >  >>