(٢) هو ابن إسماعيل العدوي البصري نزيل مكة ـ رحمه الله ـ وقد كان صلباً في السنة شديداً على أهل البدع، فلعله صنع ذلك من هذا الباب.
أو لعله تأثر بشيخه شعبة بن الحجاج - رحمه الله -، فهو الذي اشتهر عنه هذا الصنيع وذاع في تتبع الرواة لضمان اتصال الإسناد ومعرفة مخرج الحديث وأحوال رواته ولعل مؤملاً ـ رحمه الله ـ إن صحت الحكاية كان يفعل ذلك في أول حياته وبداية نشاطه العلمي، وإلا فإنه كان قد دفن كتبه ـ كما قال أبو الفضل الهروي الحافظ الشهيد ـ رحمه الله ـ وجاور بمكة. ومع ذلك فلم يَكفّ عن التحديث، فوقعت له أوهام كثيرة أشار إليها سليمان بن حرب، وابن سعد، والفسوي، وأبو حاتم، وابن نصر المروزي، وزكريا الساجي، وأبو الفضل بن عمار الشهيد، والدارقطني، وغيرهم. وقد ركنَت نفسي إلى جمع هذه الأوهام تمهيداً لبيانها، وقد شرعت في الجزء الأول منها مقسماً على أسماء شيوخه الذين وهم عليهم منذ زمان، ولكنني لم أكمله، فأسأل الله العون والسداد. وهذه القصة تبين أن المتصوفة كانوا من أعظم الخلق ضرراً على الإسلام وأهله، ومثلهم الرافضة المتشيعة منذ قديم الزمان، فهما صنوان في الكذب والاختلاق ونسج الأساطير والخيالات ودسها على عباد الله الساهين الغافلين، أما الزهاد أمثال داود الطائي وبشر بن الحارث وإبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض، فقد حاول الصوفية انتحالهم، وهم أهل علم وفقه وسنة، ومنهم المرابطون المجاهدون في سبيل الله عز وجل، ولكن غلب عليهم طلب الإخلاص وقلة مخالطة الناس. والله أعلم بهم.