٩٠٥- أخبرنا علي بن عبد الغفار بن حسين أبو الحسن القابسي المقرئ وكتبه لي بخطه بدمشق قال: حدثني الشيخ أبو محمد عبد المعطي بن إسماعيل بن عتيق الناصري بمدينة قابس قال بلغني عن حرز الله الخراط وكان ساكنا ببشري مدينة من ⦗٧٢٨⦘ مدائن التمر وكان رجلا حاذقا بالنحو واللغة والقراءات السبع فقرأ عليه القارئ يوما في سورة الأنبياء: {وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون} فقال له ارفع مساكنكم وتوهم أنها فاعلة وقال المعنى فارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم ترجع معكم قال الشيخ أبو محمد عبد المعطي رحمه الله فلما بلغني ذلك شق علي إذ كان مثل هذا الرجل على علمه وصلاحه وهم في هذا الحرف وهو خطأ عظيم وكان صديقا له وبينهما مكاتبة فعملت رسالة شافية مشبعة وبينت له فيها وجه الصواب ومعاني الإعراب وإن كان جائزا ما قاله في غير القرآن وفي تصاريف الكلام لكن القراءة سنة ومحجة متبعة وكتب إليه جماعة من أهل العلم في ذلك من سفاقس ومن المهدية ومن سائر مدائن إفريقية إذ أهل العلم عندنا بالمغرب متحسسون متيقظون لحفظ الشريعة وتصحيح القوانين فمن سمعت منه كلمة خارجة عن قانون كتب إليه أو قيل له فإن قال ⦗٧٢٩⦘ وهمت أو نسيت قبل ذلك منه وإن ناظر عليها اجتمعت جماعة الفقهاء وحرر معه الكلام ولا يترك ورأيه قال الشيخ عبد المعطي وضمنت في آخر الرسالة هذا المقطوع قال الشيخ فلما وصل إلى المقرئ حرز الله جميع ما كتب إليه به قال ما انتفعت إلا برسالة الشيخ أبي محمد عبد المعطي الناصري ورجع عن مقالته واهتدى إلى الصواب والأبيات
توكلت في أمري على الله وحده ... وفوضت أمري كله لإلهي
ولست كمن إن قال رأيا بقوله ... وباهى به يا ويح كل مباهي
أسائل عند المشكلات إذا اعترت ... أولي العلم عما هي لأعرف ما هي
وأجتنب الدعوى اجتناب امرئ له ... من العقل عن طرق الغواية ناهي
تناهى لعمري في الجهالة كل من ... رأى أنه في علمه متناهي