من الرواة الثقات جُرِّحُوا لأسبابٍ لم يعتَد بها النقادُ الجهابذةُ الأُوَل، منها:
١ - الجرحُ بسبب المخالفة في العقائد، وهو ما يُعرف عند أهل السنة بالبدعة غيرِ المُكفّرة، كالخوارج، والشيعة، والقدرية، والمرجئة، والجهمية، والمعتزلة، والواقفية، ونحوهم، قال الحافظ ابن حجر في "نزهة النظر شرح نخبة الفكر"(١): "والتحقيق أنه لا يُرَدُّ كلُّ مكَفَّر ببدعته، لأن كلَّ طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعةٌ: وقد تُبالغ فتكفِّرُ مخالفيها، فلو أُخِذ ذلك على الإِطلاق، لاستلزَمَ تكفير جميع الطوائف. فالمعتمدُ أن الذي ترد روايته: من أنكر أمرًا متواترًا من الشرع، معلومًا من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسَهُ، فأما من لم يكن بهذه الصفة، وانضمَّ إلى ذلك ضبطُهُ لما يرويه مع ورعه وتقواه، فلا مانعَ من قبوله".
وقال في "هدي الساري": "وأما البدعةُ، فالموصوفُ بها إما أن يكونَ ممن يُكَفَّرُ بها أو يُفَسَّق، فالمكفَّر بها لا بد أن يكونَ ذلك التكفير متفقًا عليه من قواعد جميع الأئمة، كما في غلاة الروافض من دعوى بعضهم حلول الإلهية في علي أو غيره، أو الإيمان برجوعه إلى الدنيا قبل يوم القيامة أو غير ذلك ... والمُفَسَّقُ بها كبدع الخوارج والروافض الذين لا يغلون ذلك الغلُوَّ، وغير هؤلاء من الطوائف المخالفين لأصولِ السنة خلافًا ظاهرًا، لكنه مستندٌ إلى تأويل ظَاهِرُه سائِغٌ.
فقد اختلف أهل السنة في قبول حديثِ مَنْ هذا سبيلُه إذا كان معروفًا بالتحرُّزِ من الكذب مشهورًا بالسلامة من خوارم المروءةِ، موصوفًا بالديانةِ والعِبادة، فقيل: يُقبل مطلقًا، وقيلَ: يُرَدُّ مطلقًا، والثالث: التفصيلُ بين