للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السنن خاصة إلا عن من هو ثقة (١).

رابعًا: هل مجرد تخريج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" حديثَ أي راوٍ توثيقٌ منهما له؟

قال ابن حجر في "هدي الساري" (٢): "ينبغي لِكل مُنصِف أن يعلمَ أن تخريجَ صاحب الصحيح لأيِّ راوٍ كان، مقتضٍ لِعدالته عنده وصحةِ ضبطه، وعدم غفلته، ولا سيَّما ما انضافَ إلى ذلك مِن إطباق جُمهورِ الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين، وهذا معنى لم يَحْصُلْ لِغير من خُرِّج عنه في الصحيح، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذُكِرَ فيهما، هذا إذا خَرَّجَ له في الأصولِ، فأما إن خَرَّج له في المتابعات والشواهد والتعاليق، فهذا يتفاوتُ درجاتُ من أخْرَجَ له منهم في الضبط وغيرِه مع حصولِ اسم الصدق لهم، وحينئذٍ إذا وَجَدْنا لغيره في أحدٍ منهم طعنًا، فذلك الطعنُ مقابلٌ لتعديل هذا الإمام، فلا يُقبل إلا مبينَ السَّبب مُفَسِّرًا بقادحٍ يقدحُ في عدالة هذا الراوي وفي ضبطه مطلقًا، أو في ضبطه لخبر بعينه، لأن الأسباب الحاملة للأمة على الجرح متفاوتة، منها ما يَقدَحُ، ومنها ما لا يَقْدَحُ؛ وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يُخرج عنه في الصحيح: هذا جازَ القنطرةَ، يعني بذلك أنه لا يُلْتَفتُ إلى ما قيل فيه، قال الشيخ أبو الفتح القشيري في مختصره: وهكذا نعتقِدُ، وبه نقول، ولا نخرج عنه إلا بِحُجةٍ ظاهرة، وبيانٍ شافٍ يزيدُ في غلبة الظنِّ على المعنى الذي قدمنا مِن اتفاقِ الناسِ بعد الشيخين على تسميةِ كتابيهما بالصحيحين، ومن لوازم ذلك تعديلُ رواتهما.


(١) انظر مثلًا: "تهذيب التهذيب".
(٢) ص ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>