للحافظ أبي حاتم محمد بن حبان التميمي البستي "٢٨٠ - ٣٥٤ هـ" كتابان شهيران في الجرح والتعديل، أولهما:"الثقات"، والثاني:"المجروحين"، وهما مطبوعان منتشران.
وقد أدرج في كتابه "الثقات" الرواة الصادقين الذين يجوز الاحتجاجُ بخبرهم عنده من الثقات وما شابههم وقارَبَهُم، والمسكوتُ عنهم، وهم على أربعة أقسام:
١ - الثقات الذين وثقهم وسبقه في ذلك التوثيق آخرون، ولم يُذكروا بجرح.
٢ - الثقات الذين تكلَّم الكثيرُ أو البعض فيهم، وهم عنده ثقات باجتهاده وخبرته بحديثهم، وقد ينتقي من أحاديثهم ما يشبه أحاديث الثقات.
٣ - من لم يُذْكَرْ بجرحٍ أو تعديلٍ، وروى عنه أكثر من واحد.
٤ - من لم يذكر بجرح أو تعديل، وتفرَّدَ بالرواية عنه راوٍ واحد.
أما كتابُه "المجروحين" فقد أطلق عليه "الضعفاء بالعلل" إشارةٌ منه إلى أنه ذكر العلة، أو العلل التي من أجلها ذكره في الضعفاء، وقال في مقدمته:"وإني ذاكرٌ ضعفاء المحدثين، وأضداد العدولِ من الماضين ممن أطلق عليهم أئِمَّتُنا القَدحَ، وصحَّ عندنا فيهم الجرحُ، وأذكر السبب الذي من أجله جُرح، والعلة التي بها قُدح".
وبقَدَرِ ما عُرِفَ عن ابن حبان من تساهل في التوثيق، وذكره للمجاهيل في كتابه "الثقات"، فإنَّ كتابه "المجروحين" من الكتب التي أجادَ فيها كُلَّ الإجادة، فذكر الجَرح مفسرًا معللًا، وهو يُعد من أجود ما كتب في بابه، ويرتقي به مؤلفه إلى مصافِّ كبار النقاد.